للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى إن القرطبي رجح في شرح مسلم أنه سُنَّة، ولكن الجمهور على وجوبه، انتهى.

وقال العيني (١): هذه الترجمة مشتملة على أمور، الأول: في غسل الميت، هل هو فرض أو واجب أو سُنَّة؟ فقال أصحابنا: هو واجب على الأحياء للسُّنَّة وإجماع الأمة، وفي "شرح الوجيز": الغسل والتكفين والصلاة فرض الكفاية بالإجماع، وكذا نقل النووي الإجماع على أن الغسل فرض كفاية، وقد أنكر بعضهم على النووي فقال: هو ذهول شديد. . . إلخ.

قلت: هذا ذهول أشد من هذا القائل حيث لم ينظر إلى معنى الكلام، فإن معنى قوله - أي: القرطبي -: سُنَّة، أي: سُنَّة مؤكدة، وهي في قوة الوجوب، انتهى.

وبسط الكلام على المسألة في "الأوجز" (٢) فارجع إليه لو شئت.

ثم ليس في الحديث ذكر الوضوء، قال العيني (٣): قيل: المعهود من الغسل هو مع الوضوء، انتهى.

وفي "الفتح" (٤): المراد وضوء الغاسل وإن لم يكن له ذكر، لكن غسل الميت لا يمكن بدون الغاسل، فكأنه ذكر، وقيل: أشار إلى بعض طرق الحديث بلفظ: "ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها" فكأنه أراد أن الأمر بالوضوء ليس بمجرده، بل مع الغسل، أو أن الوضوء المجرد لا يكفي أو ليس الأمر بالوضوء، بل الأمر بالبدء بالوضوء، انتهى.

قلت: والظاهر عندي إرجاع الضمير إلى الغاسل المفهوم من لفظ الغسل؛ لأنه أجدر بدأب البخاري، كأنه أشار إلى رد ما ورد في الغسل من غسل الميت ووضوء من حمله، وقد اختلف العلماء في الغسل والوضوء


(١) "عمدة القاري" (٦/ ٤٩).
(٢) انظر: "أوجز المسالك" (٤/ ٣٨٨).
(٣) انظر: "عمدة القاري" (٦/ ٥٠).
(٤) "فتح الباري" (٣/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>