للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتارة يذكر الباب (١) بلا ترجمة، ويذكر فيه حديثًا، فالشرَّاح - رحمهم الله - يذكرون في مثل هذا المقال احتمالات أكثرها بعيدة عن شأن المؤلِّف والمؤلَّف كليهما، كما لا يخفى على المهرة، وأحسن أعذارهم أنه كالفصل من الباب السابق، لكن هذا العذر أيضًا لا يتمشَّى في بعض المواضع.

مثلًا قال في الأبواب المتعلقة بأحكام البول: "باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله"، وذكر فيه حديث إنسانين يعذبان في قبورهما، ثم قال بعده: "باب ما جاء في غسل البول"، وذكر في الترجمة هذا الحديث (٢)، ثم بعد ذلك الباب قال: "باب" بلا ترجمة، وذكر فيه هذا الحديث أيضًا، فكيف يقال: إنه كالفصل من الباب السابق؟ لأن هذا يمكن إذا كان الثاني مغايرًا للأول بوجه، وههنا لا تغاير أصلًا، فافهم.

وعندنا لا بد أن يقال: إن المؤلف أحيانًا يترك الترجمة عمدًا ويذكر حديثًا، ومقصوده أني أخرجت من هذا الحديث حكمًا أو أحكامًا، فينبغي أن تخرجوا منه حكمًا غير ذلك بشرط أن يكون مناسبًا لتلك الأبواب، ويفعل هكذا تشحيذًا للأذهان، وتنبيهًا وإيقاظًا للناظرين، كما هو دأبه في أمور كثيرة.

فعندنا - والله أعلم - هذا الاحتمال أقوى وأليق. وأنفع مهما أمكن.

نعم، إذا كان مانع منه في موضع ما، فلا بدَّ أن يتوجَّهوا إلى احتمال آخر يناسب ذلك المقام.

فعلى هذا يقال ههنا مثلًا: ينبغي أن تكون الترجمة كون البول موجبًا لعذاب القبر وما يماثلها، والله أعلم بالصواب، لا يقال: إن في أبواب القبر يقول: "باب عذاب القبر من الغيبة والبول"، فتتكرر الترجمة؛ لأنا نقول: المقصود هناك بيان حكم القبر، وها هنا المقصود ذكر حكم البول، فأين التكرار؟


(١) سيأتي في الأصل الخامس والعشرين، (ز).
(٢) "صحيح البخاري" (ح: ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>