للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث عشر: وهو قريب بالقول الحادي عشر أن المراد تألم الميت بما يقع من أهله من النياحة وغيرها، وهو اختيار الطبري، ورجحه ابن المرابط وابن تيمية وجماعة من المتأخرين، واستشهدوا له لحديث قيلة بنت مخرمة، ذكر في "الأوجز"، والفرق بين هذا وبين ما سبق أن تألم الميت في القول السابق كان لارتكاب الحي معصية، وفي هذا تألمه وبكاءه لتألم الحي، فتأمل.

الرابع عشر: ما قيل: إن الراوي سمع بعض الحديث ولم يسمع بعضه، وأن اللام في الميت لمعهود معين كما قالت عائشة: "إنما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على يهودية" الحديث.

قلت: هذا آخر ما ظفرت عليه من أقوال العلماء، وقد عرفت أن الجمهور على القول السادس حتى قال أبو الليث السمرقندي: إنه قول عامة أهل العلم، وكذا نقله النووي عن الجمهور، قالوا: وكان معروفًا للقدماء حتى قال طرفة بن العبد:

إذا مت فانعيني بما أنا أهله … وشُقِّي عليَّ الجيب يا ابنة معبد

قال العيني (١): هو أصح الأقوال.

قلت: وبه قالت الحنفية كما في "الدر المختار" (٢)، وكذا عند الشافعية كما في "شرح الإقناع" (٣)، ثم ذكر في "الأوجز" (٤) مسألة البكاء على الميت وهي التي أشار إليها البخاري فيما سيأتي بقوله: "وما يرخص من البكاء" عن كتب فروع الأئمة الأربعة، فهو جائز على المذاهب الأربعة من غير ندب، وهو البكاء مع تعداد محاسن الميت ومن غير نياحة، وهو رفع الصوت برنة، وأما البكاء معهما أو مع أحدهما فحرام عند الجمهور، انتهى.


(١) انظر: "عمدة القاري" (٦/ ١٠٩).
(٢) انظر: "الدر المختار" (٣/ ١٤٧).
(٣) انظر: "شرح الإقناع" (٢/ ٣٠٤).
(٤) انظر: "أوجز المسالك" (٤/ ٥٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>