للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الأثر للترجمة أن الأثر يتضمن التوسعة على المشيعين وعدم التزامهم جهة معينة، وذلك لما علم من تفاوت أحوالهم في المشي، وقضية الإسراع بالجنازة أن لا يلزموا بمكان واحد يمشون فيه لئلا يشق على بعضهم ممن يضعف في المشي عمن يقوى عليه، ومحصله أن السرعة لا تتفق غالبًا إلا مع عدم التزام المشي في جهة معينة فيتناسبا، وقال ابن رُشيد: ويمكن أن يقال: لفظ المشي والتشييع في أثر أنس أعم من الإسراع والبطء، فلعله أراد أن يفسر أثر أنس بالحديث، قال: ويمكن أن يكون أراد أن يبين بقول أنس أن المراد بالإسراع ما لا يخرج عن الوقار لمتبعها بالمقدار الذي يصدق عليه به المصاحبة.

ثم قال الحافظ: دل إيراد البخاري لأثر أنس المذكور على اختيار هذا المذهب، وهو التخيير في المشي مع الجنازة، وهو قول الثوري. . . إلى آخر ما قال.

قلت: هذا محتمل لكن المصنف سيبوب بقوله: "فضل اتباع الجنائز" وظاهره المشي خلفها كما سيأتي هناك، فتأمل.

قوله: (أسرعوا بالجنازة) اختلفوا في معناه، فقيل: أي: بحملها إلى قبرها، وقيل: الإسراع بتجهيزها، وهو أعم من الأول، قال القرطبي: والأول أظهر، وقال النووي: الثاني باطل مردود بقوله في الحديث: "تضعونه عن رقابكم"، وتعقبه الفاكهي، ذكره الحافظ (١).

قلت: وتعقبه السندي أيضًا، إذ قال (٢): ولا يخفى أنه يمكن تصحيحه على المعنى الثاني بأن يجعل الوضع عن الرقاب كناية عن التبعيد عنه وترك التلبس به، انتهى.

وقال ابن قدامة (٣): الأمر في الحديث للاستحباب بلا خلاف، وشذ


(١) "فتح الباري" (٣/ ١٨٤).
(٢) "حاشية السندي" (١/ ٢٢٨).
(٣) انظر: "المغني" (٣/ ٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>