للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جدًا، فلا تكون الترجمة غير ثابتة، بل ثابتة بالدليل المذكور في الكتاب، وإن لم يذكر مع الترجمة لقصد التمرين والتنبيه وغيرها من الأسباب.

نعم، وجدنا في جملة الكتاب بابًا أو بابين، جعل - رحمه الله - الآية فيه ترجمة، واكتفى بها، ولم يذكر معها حديثًا ولا قولًا، فالأَولى أن يقال: لما جعل الترجمة آية القرآن وهو دليل فوق جميع الأدلة، فهذه الترجمة دعوى دليلها معها، لا يحتاج إلى دليل آخر، فاكتفى بها، فلا يقال: الدعوى بقيت بلا دليل، ولا يحتاج إلى أن يجعل حديثًا أو قولًا المذكور في الأبواب السابقة أو اللاحقة دليلًا لها، فالله أعلم.

هذا ما عندنا من التفصيل، فعليك بالتأمل الصادق والإنصاف اللائق، فإن كان حقًا فمن العزيز الرحيم، وإلا فمني ومن الشيطان الرجيم، انتهى.

وأشار الكرماني في مواضع من "شرحه" (١): أن الإمام البخاري يقتفي مشايخه في تراجم "صحيحه".

وتعقبه الحافظ في "الفتح" (٢) ورد عليه في "باب طرح الإمام المسألة" إذ قال: وأما دعوى الكرماني أنه لمراعاة صنيع مشايخه في تراجم مصنفاتهم فإنها غير مقبولة، ولم نجد عن أحد ممن عرف حال البخاري وسعة علمه، وجودة تصرفه، حكى أنه كان يقلِّد في التراجم، ولو كان كذلك لم يكن له مزية على غيره، وقد توارد النقل عن كثير من الأئمة أن من جملة ما امتاز به كتاب البخاري دقة نظره في تصرفه في تراجم أبوابه، والذي ادَّعاه الكرماني يقتضي أنه لا مزية له في ذلك؛ لأنه مقلد فيه لمشايخه، وأعاد الكرماني هذا الكلام في "شرحه" مرارًا، ولم أجد له سلفًا في ذلك، والله المستعان، انتهى مختصرًا.

* * *


(١) انظر: "صحيح البخاري بشرح الكرماني" (٢/ ١٣).
(٢) "فتح الباري" (١/ ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>