المترتب على العمل لا مطلقه، ثم إيراد رواية إبراهيم - عليه السلام - مشعر بأنه اختار ما اخترناه من أن هؤلاء يدخلون الجنة أيضًا، والله أعلم، انتهى.
وفي هامشه عن "شرح المسايرة" لابن أبي شريف: وقد ضعف أبو البركات النسفي رواية التوقف عن أبي حنيفة، وقال: الرواية الصحيحة عنه أنهم في المشيئة لظاهر الحديث الصحيح: "الله أعلم بما كانوا عاملين"، انتهى.
قال الحافظ (١): هذه الترجمة تشعر أيضًا بأنه كان متوقفًا في ذلك، وقد جزم بعد هذا في تفسير سورة الروم بما يدل على اختيار القول الصائر إلى أنهم في الجنة، وقد رتب أيضًا أحاديث هذا الباب ترتيبًا يشير إلى المذهب المختار، فإنه صدّره بالحديث الدالِّ على التوقف، ثم ثنَّى بالحديث المرجح لكونهم في الجنة، ثم ثلَّث بالحديث المصرّح بذلك؛ فإن قوله في سياقه:"وأما الصبيان حوله فأولاد الناس" قد أخرجه في "التعبير" بلفظ: "وأما الولدان الذين حوله، فكل مولود يولد على الفطرة، فقال بعض المسلمين: وأولاد المشركين؟ فقال: وأولاد المشركين"، واختلف العلماء قديمًا وحديثًا في هذه المسألة على أقوال، ثم ذكر الحافظ عشرة أقوال:
منها: أنهم في مشيئة الله تعالى، وهو منقول عن ابن المبارك وإسحاق، ونقله البيهقي عن الشافعي، قال ابن عبد البر: وهو مقتضى صنيع مالك، والحجة فيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الله أعلم بما كانوا عاملين".
ومنها: أنهم في الجنة، قال النووي: وهو المذهب الصحيح المختار الذي صار إليه المحققون لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥]، وإذا كان لا يعذب العاقل لكونه لم تبلغه الدعوة فلأن لا يعذب غير العاقل من باب الأولى.
ومنها: الوقف، ومنها: الإمساك، وفي الفرق بينهما دقة، انتهى.