للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أصل مطَّرد كثير الوقوع في كتابه، أخذ بذلك جمع من المشايخ، معروف في ألسنتهم بـ "باب في باب"، ونظائره في "صحيحه" لا سيما في "كتاب بدء الخلق" في "باب قوله تعالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ} [البقرة: ١٦٤] " كثيرة، والعجب من عامة الشرَّاح أنهم لا يأخذون بهذا الأصل، ولذا مال الحافظ في "الفتح"، والعيني والقسطلاني في "شرحيهما" إلى أن الأَولى حذف هذه الأبواب، ولا حاجة إلى ذلك، فإنه أصل معروف ومطَّرد، ولا يضطر على قَبول هذا الأصل المطَّرد إلى تغليط النسَّاخ في ذكر الأبواب الكثيرة من هذا النوع في "الصحيح".

ولذا أورد عليهم شيخ المشايخ في تراجمه في "باب من مضمض من السويق" إذ قال: هذا الباب من قبيل الباب في الباب؛ لأنه يشتمل على ما عقد له الباب السابق مع فائدة أخرى إلى أن قال: فاحفظ هذا التقرير فإنه ينفعك في مواضع من البخاري، وأكثر الشرَّاح في أمثال هذا المقام قد خبطوا كثيرًا، انتهى.

وبذلك جزم في "باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد"، إذ قال: دلالة الحديث على جواز ذلك ظاهرة، والحديث الذي في الباب الثاني أظهر في ذلك، ولهذا ينبغي أن يقال: إنه باب في الباب على نحو ما مرَّ سابقًا في مواضع عديدة، إلى آخر ما قال، وقال في "باب فضل صلاة الفجر في جماعة": هذا الباب في الباب، فلا إشكال في ربط الحديثين الآخرين فيه مع الترجمة فتدبر، انتهى، وقال في "باب المدبر": هذا باب في باب، انتهى.

والشرَّاح لما لم يأخذوا بهذا الأصل المطَّرد، جهدوا بربط هذين الحديثين بالترجمة جهدًا شديدًا، وذكروا في المطابقة توجيهات بعيدة، ثم لا يذهب عليك أن هذا الأصل المذكور غير الآتي في التاسع والخمسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>