للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا خرص إلا في النخيل فقط. وقال أبو حنيفة وصاحباه: الخرص باطل، وعلى رب المال أن يؤدي عشر ما تحت يده زاد على الخرص أو نقص.

والسبب في اختلافهم معارضة الأصول للأثر الوارد في ذلك، وهو ما روي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرسل عبد الله بن رواحة إلى خيبر، فيخرص عليهم النخل، وأما الأصول التي تعارضه، فلأنه من باب المزابنة المنهي عنها، وهو بيع الثمر في رؤوس النخل بالثمر كيلًا، ولأنه أيضًا من باب بيع الرطب بالتمر نسيئة، فيدخله المنع من التفاضل ومن النسيئة، وكلاهما من أصول الربا، فلما رأى الكوفيون هذا مع أن الخرص الذي كان يخرص على أهل خيبر لم يكن للزكاة، قالوا: يحتمل أن يكون تخمينًا ليعلم ما بأيدي كل قوم من الثمار. . . إلى آخر ما بسط الكلام على ذلك في "الأوجز" مع بيان الاختلاف في فروع هذا الباب، مثلًا: يختص بالنخل أو يلحق به العنب أيضًا؟ أو يعم كل ما ينتفع به رطبًا وجافًا؟ وبالأول قالت الظاهرية، وبالثاني قال الجمهور، وإلى الثالث نحا البخاري. . .، إلى آخر ما في هامش "اللامع".

وقال شيخ مشايخنا الدهلوي في "المسوى" (١): قالت الحنفية: الخرص ليس بشيء. وأولوا ما روي من ذلك أنه كان تخويفًا على الأكلة لئلا يخونوا، انتهى. هذا هو المعروف من مذهب الحنفية، ومال الشيخ الكَنكَوهي إلى جوازه في العشر والعرية، فارجع إلى "الكوكب الدري" (٢) وهامشه.

وقال الحافظ (٣): باب خرص التمر، أي: مشروعيته، انتهى.

قلت: وفي ذكره في "كتاب الزكاة" إشارة منه إلى جوازه فيها، وقال الحافظ: اختلف القائلون بالخرص هل هو واجب أو مستحب؟ الأول وجه للشافعية، والثاني قول الجمهور إلا إن تعلق به حق لمحجور مثلًا أو كان شركاؤه غير مؤتمنين فيجب لحفظ مال الغير، انتهى.


(١) "المسوى" (١/ ٢٢٠).
(٢) "الكوكب الدري" (٢/ ١٧).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>