للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطيب الذي بك" يوضح أن الطيب لم يكن في ثوبه وإنما كان على بدنه، ولو كان على الجبة لكان في نزعها كفاية، انتهى.

والجواب: أن البخاري على عادته يشير إلى ما وقع في بعض الطرق، وسيأتي في محرمات الإحرام من وجه آخر بلفظ: "عليه قميص فيه أثر صفرة"، والخلوق في العادة إنما يكون في الثوب، إلى آخر ما في هامش "اللامع".

وقال السندي (١): قوله: "اغسل الطيب الذي بك. . ." إلخ، الظاهر أن المراد الذي بجسدك، فالدلالة على الترجمة بقياس الثوب على الجسد، وليس المراد في الحديث الذي بثوبك، إذ نزع الثوب يكفي في دفع ذلك، والحاصل أن الروايات وإن وردت بوجود الطيب بثوبه أيضًا لكن المأمور بالغسل هو الذي كان ببدنه، وأما ما كان منه بالثوب فيكفي النزع فيه، والله تعالى أعلم، انتهى.

وفي هامش "اللامع": اعلم أنهم اختلفوا في مسألة الطيب للمحرم، وتحقيق مذاهب الأئمة فيه كما بسطت في "الأوجز" (٢) من كتب فروعهم: أن التطيب بما يبقى جرمه بعد الإحرام ممنوع مطلقًا عند الإمام مالك ومحمد، سواء كان على البدن أو الثياب، ومباح مطلقًا عند الإمام الشافعي وأحمد، سواء كان على البدن أو على الثوب، والتطيب بطيب ذي جرم مباح على البدن دون الثياب عند الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف، فهذا هو الصحيح من مسالك الأئمة، وإذا عرفت ذلك وقد ظهر لك أن ميل الإمام البخاري في هذه المسألة إلى مسلك الإمام الأعظم وأبي يوسف إذ ترجم أولًا بـ "باب غسل الخلوق. . ." إلخ، وذكر فيه حديث صفوان، ثم ذكر "باب الطيب عند الإحرام"، وذكر فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كأني أنظر إلى وبيص الطيب. . ." إلخ.


(١) "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ٢٦٧).
(٢) "أوجز المسالك" (٦/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>