للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتناء بتتبع طرق الحديث، والنظر في مواقع ألفاظ الرواة؛ لأن تفسير الحديث بالحديث أولى من الخوض فيه بالظن.

وإنما أراد البخاري ههنا ما وقع في بعض طرق هذا الحديث مما يدل صريحًا على حقيقة السمر، وهو ما أخرجه في التفسير بلفظ: "تحدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أهله ساعة، ثم رقد. . ." الحديث، فصحَّت الترجمة صريحًا - بحمد الله - من غير حاجة إلى تعسف ولا رجم بالظن، انتهى مختصرًا.

قلت: هو كذلك فإن الإمام البخاري - رحمه الله - أخرج بهذه الزيادة في باب قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: ١٦٤].

ثم قال شيخ الهند - رحمه الله - في هذا الأصل السادس المذكور: وتارة يكون الحديث الذي فيه جملة مثبتة للترجمة لا يكون على شرط المؤلف وإن كان صحيحًا، لكنه لمَّا لم يكن على شرطه لا يذكره المؤلف في "صحيحه"، ولا يظفر بذلك إلا من تتبع كتب الحديث، انتهى مختصرًا.

وهذان الأصلان مطَّردان في "صحيحه" قد أخذ بهما الحافظ ابن حجر في المواضع التي لا تحصى من "شرحه"، منها: ما قال في "باب كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان": الذي يظهر لي من تصرُّف البخاري أنه أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرقه صريحًا (١)، ثم ذكر الطرق المصرِّحة بذلك، وقال في "باب دلك المرأة. . ." إلخ: جرى على عادته في الترجمة بما تضمَّنه بعض طرق الحديث (٢)، وقال في "باب أمور الإيمان، وقول الله - عز وجل - {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا} الآية [البقرة: ١٧٧] ": وجه الاستدلال بهذه الآية ومناسبتها لحديث الباب تظهر من الحديث الذي رواه عبد الرزاق (٣) وغيره، ورجاله ثقات، ولم يسقه


(١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٥٥٣).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١/ ٤١٤).
(٣) "مصنف عبد الرزاق" (رقم ٢٠١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>