وهو الظاهر، وقال مكحول: من كان منزله دون المواقيت، وهو قول الشافعي في القديم، وقال في الجديد: من كان من مكة على دون مسافة القصر، ووافقه أحمد، انتهى.
قلت: ومذهب الحنفية كقول الشافعي في القديم كما في حاشية الهندية، وقال السندي (١) تحت الباب: يحتمل وجهين: أحدهما: أن اسم الإشارة إشارة إلى التمتع، والمعنى التمتع مباح أو مشروع لغير المكي، وبه قال الحنفية، وإليه يشير كلام ابن عباس، فإِيراد المصنف يدل على أنه اختار هذا التفسير، والثاني: أنه إشارة إلى وجوب الدم أو الصوم، والمعنى وجوب أحد الأمرين على غير المكي، وأما المكي فإذا تمتع فلا يجب عليه شيء، وبه قال الجمهور، ويؤيده قرب المشار إليه، ويؤيد الأول اللام في قوله:{لِمَنْ لَمْ يَكُنْ} فإن المناسب بالمعنى الثاني كلمة "على"، وهذا التأييد أقوى من تأييد قرب المشار إليه، وكأنه لهذا مال المصنف إلى ترجيحه، والله أعلم، انتهى.
ويحتمل عندي في غرض المصنف بالترجمة أنه أراد تفسير الأهل وحاضري المسجد بأن المراد به التوطن لا مطلق الحضور كما يتوهم بلفظ حاضري المسجد، فإن الأزواج المطهرات ونساء الصحابة - رضي الله عنهم - كن معهم في السفر وجمع ذلك تمتعوا.
قوله:(وصوم ثلاثة أيام) اعلم أن المتمتع إذا لم يجد الهدي فعليه صيام عشرة أيام، وكذا حكم القارن يصوم ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع، واختلف أهل العلم في المراد بالحج، وفي المراد بالرجوع كما بسط في محله، ثم لكل واحد من صوم الثلاثة والسبعة وقتان: وقت الجواز، ووقت الاستحباب، أما في الثلاثة فوقت الاستحباب عندنا الحنفية وأحمد ومالك: آخره يوم عرفة وقبله بيوم عند الشافعي، وأما وقت الجواز فبعد إحرام العمرة عندنا وأحمد، وعنه بعد الحل من العمرة، وبعد إحرام الحج