للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أعلم أن ها هنا مسألتين، إحداهما: المبيت بمزدلفة ليلة النحر، والثانية: والوقوف بها عند صلاة الفجر، وطالما تشتبه إحداهما بالأخرى على نقلة المذاهب، فالظاهرية قالوا بركنية الوقوف، وأما الأئمة الأربعة، فالصحيح من مسالكهم أن المبيت إلى ما بعد النصف الأول واجب عند الشافعي على المعتمد وكذا عند أحمد، وهذا لمن أدركه قبل النصف، وإلا فالحضور ساعة في النصف الأخير كاف، وعند مالك النزول بقدر حط الرحال واجب، في أي وقت من الليل كان، وعند الحنفية المبيت سُنَّة مؤكدة، وأما الوقوف بعد الفجر فواجب عند الحنفية، وسُنَّة عند الأئمة الثلاثة، وفرض عند ابن الماجشون وابن العربي من المالكية، وركن عند الظاهرية كما تقدم، إلى آخر ما بسط فيه.

قوله: (أذن للظعن. . .) إلخ، قال الحافظ (١): واستدل بهذا الحديث على جواز الرمي قبل طلوع الشمس، إلى آخر ما قال.

وفي هامش "اللامع" (٢): اختلف في وقت الرمي في هذا اليوم، أي: يوم النحر بداية ونهاية، قال الموفق: ولرمي هذه الجمرة وقتان، وقت فضيلة ووقت إجزاء، أما الأول فبعد طلوع الشمس، فقد أجمع علماء المسلمين على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما رماها ضحى ذلك اليوم، وأما وقت الجواز فأوله نصف الليل من ليلة النحر، أي: عند أحمد، وبذلك قال الشافعي، وعن أحمد: يجزئ بعد الفجر قبل طلوع الشمس، وهو قول مالك وأصحاب الرأي، وقال الثوري والنخعي: لا يرميها إلا بعد طلوع الشمس، وها هنا مذهب ثالث نقله الشيخ ابن القيم (٣) أنه لا يجوز لأهل القدرة إلا بعد طلوع الشمس، وهو قول جماعة من أهل العلم، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٣/ ٥٢٨).
(٢) "اللامع" (٥/ ٢٢٧، ٢٢٨).
(٣) "زاد المعاد" (٢/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>