للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإشارة إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ الذبح، كما سيأتي، ونحر البقر جائز عند العلماء؛ إلا أن الذبح مستحب عندهم لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة: ٦٧]، وخالف الحسن بن صالح فاستحب نحرها، وأما قوله: "من غير أمرهن" فأخذه من استفهام عائشة عن اللحم لما دخل به عليها، ولو كان ذبحه بعلمها لم تحتج إلى الاستفهام، لكن ليس ذلك دافعًا للاحتمال، فيجوز أن يكون علمها بذلك تقدم بأن يكون استأذنهن في ذلك، لكن لما أدخل اللحم عليها لاحتمل عندها أن يكون هو الذي وقع الاستئذان فيه وأن يكون غير ذلك؛ فاستفهمت عنه بذلك، انتهى.

قلت: في الترجمة مسألتان، إحداها: ذبح ما ينحر ونحر ما يذبح، والثانية: مسألة الاستئذان في التضحية عن الغير، ففي "روضة المحتاجين": يسن نحر الإبل وذبح البقر، وقالت المالكية: بوجوب النحر والذبح، انتهى.

وفي "الروض المربع" (١): يسن نحر الإبل وذبح غيره، ويجوز عكسه انتهى.

وأما المسألة الثانية: قال القسطلاني (٢): قال النووي: هذا محمول على أنه استأذنهن لأن التضحية عن الغير لا تجوز إلا بإذنه، قال البرماوي: وكأن البخاري عمل بأن الأصل عدم الاستئذان، انتهى.

وفي "الفيض" (٣): قوله: "فقلت: ما هذا؟ " إلخ، هذا هو موضع الترجمة، فإنه يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن استأمر عائشة، ولذا لم تعرف، وسألت عنها، ولا بد منه عند الفقهاء.

قلت: لما ثبت عندنا ضرورة الاستئمار شرعًا وجب علينا أن نحمله على معنى لا يخالف ما ثبت عنه ضرورة، وحينئذ المعنى أنها سئلت عنه، أنها هي التي أمرت بذبحها أو غيرها، انتهى.


(١) "الروض المربع" (ص ٢٦٣).
(٢) "إرشاد الساري" (٤/ ٢٦٠).
(٣) "فيض الباري" (٣/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>