للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأين العطف في هذا وكل واحد من البابين ترجمة مستقلة؟ والظاهر أن المؤلف لم يجد في الترجمة الأولى حديثًا يطابقها على شرطه، انتهى.

وتعقب القسطلاني (١) على كلامه فارجع إليه لو شئت.

قلت: فعلى النسخة التي فيها باب مستقل الترجمة السابقة عندي بمنزلة الكتاب، للأفعال التي تعمل في منى منها أكل الهدي، والحلق المشار إليه في الآية بقوله: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: ٢٩]، ومنها الطواف المشار إليه بقوله: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩]، ومنها ذكر الله في هذه الأيام بالرمي المشار إليه بقوله: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: ٢٨]، على ما قيل.

وقال الحافظ (٢): وقوله: (عن ابن عمر لا يؤكل. . .) إلخ، وصله ابن أبي شيبة عن ابن نمير عنه بمعناه قال: إذا عطبت البدنة أو كسرت أكل منها صاحبها ولم يبدلها، إلا أن تكون نذرًا أو جزاء صيد، وهذا القول إحدى الروايتين لأحمد، وهو قول مالك وزاد: إلا فدية الأذى، والرواية الأخرى عن أحمد: ولا يؤكل إلا من هدي التطوع والتمتع والقران، وهو قول الحنفية بناء على أصلهم أن دم التمتع والقران دم نسك لا دم جبران، انتهى.

وفي هامش "اللامع" (٣): قلت: اختلفت نقلة المذاهب في بيان ما يؤكل من الهدايا كما بسط في "الأوجز" وذكر فيه بعد نقل الأقاويل المختلفة: وتحصل مما سلف أن المذهب عند الحنابلة أن لا تؤكل من الهدايا إلا دم التمتع والقران والتطوع، وبه قالت الحنفية، ومشهور مذهب مالك أنه يؤكل من كل هدي بلغ محله إلا ثلاثة: جزاء الصيد، وفدية الأذى، وما نذر للمساكين، وأما عند الشافعية فلا يجوز أكل شيء.


(١) "إرشاد الساري" (٤/ ٢٦٩).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ٥٥٨).
(٣) "اللامع" (٥/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>