للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"اقضوا الله" فإنه خاطبها بخطاب دخل فيه الرجال والنساء، فللرجل أن يحج عن المرأة ولها أن تحج عنه، وأما قول الحافظ ابن حجر في قوله: "والرجل يحج عن المرأة": نظر؛ لأن لفظ الحديث أن امرأة سألت عن نذر كان على أبيها فكان حق الترجمة أن يقول: والمرأة تحج عن الرجل، ثم قال: والذي يظهر لي أن البخاري أشار بالترجمة إلى رواية شعبة عن أبي بشر في هذا الحديث؛ فإنه قال فيه: "أتى رجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أختي نذرت أن تحج" الحديث، وفيه: "فاقضي الله فهو أحق بالقضاء" فلا يخفى ما فيه، فإن حديث الباب إنما هو أن امرأة من جهنية قالت: "إن أمي" وكيف يقال بالمطابقة بين ترجمة وحديث مذكور في باب آخر، والأصل أن المطابقة إنما تكون بين الترجمة وحديث الباب، فليتأمل، انتهى.

قلت: إيراد القسطلاني صحيح لا شك فيه، ولكن قوله: إن المطابقة إنما تكون إلخ تبع في ذلك العلامة العينى وهو غير مسلم، بل هو أصل مطَّرد من أصول التراجم، والعلامة العينى تارة يأخذ بهذا الأصل ومرة يرده أشد الرد، كما بسط ذلك في أصل الحادي عشر من أصول التراجم.

ثم الظاهر عندي: أن الترجمة مشتملة على جزئين:

الأول: الحج المنذور عن الميت، قال العيني: ومطابقة الحديث للترجمة في قولها: "إن أمي نذرت" إلخ، وفيه: حج عن نذر الميت، وهو مطابق للجزء الأول من الترجمة، انتهى.

قلت: والمسألة خلافية، قال الموفق (١): متى توفي من وجب عليه الحج ولم يحج وجب أن يخرج عنه من جميع ماله ما يحج به ويعتمر، سواء مات عن تفريط أو بلا تفريط، وبه قال الشافعي.

وقال أبو حنيفة ومالك: يسقط بالموت، فإن وصَّى بها فهو من الثلث، ويستناب من بلده أو من الموضع الذي أيسر فيه، وبه قال الحسن وإسحاق


(١) "المغني" (٥/ ٣٨ - ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>