للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأول: روي عن علي وابن عمر: "من نذر المشي إلى بيت الله تعالى فعجز عنه أنه يمشي ما استطاع، فإذا عجز ركب وأهدى شاة"، وهو قول عطاء والحسن، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وقال أبو حنيفة: وكذا إن ركب وهو غير عاجز، ويكفِّر عن يمينه لحنثه، حكاه الطحاوي، وقال الشافعي: الهدي في هذه احتياط، وحجتهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فلتركب ولتهد".

والقول الثاني: يعود ثم يحج مرة أخرى، ثم يمشي ما ركب، ولا هدي عليه، وهو قول ابن عمر والنخعي وغيرهما.

والقول الثالث: يعود فيمشي ما ركب وعليه الهدي، وهو مروي عن ابن عباس أيضًا، وروي عن النخعي، وهو قول مالك، جمع عليه الأمرين المشي والهدي احتياطًا، انتهى من "العيني" (١).

وقال القسطلاني (٢) الشافعي: لو ترك المشي لعذر أو لغيره أجزأه مع لزوم الدم فيهما، والإثم في الثاني، انتهى.

وفي "الأوجز" (٣) عن "شرح اللباب": لو ركب في كل الطريق أو أكثره لعذر أو بلا عذر فعليه دم، وإن ركب في الأقل وكذا في المساواة تصدق بقدره من قيمة الشاة، انتهى.

وفي تقرير مولانا حسين علي البنجابي: من نذر بعبادة مثل المشي ينعقد النذر، فيمشي غير راكب، وإن كان معذورًا فيكفِّر بدم، وأما النذر حافيًا فلا يجب وليس فيه دم؛ لأنه ليس من جنسه عبادة، يعني: أن المشي من جنسه عبادة مفروضة حيث يفرض الحج على أهل مكة، وإن لم تكن لهم راحلة بخلاف المشي حافيًا، فإنه ليس بعبادة مفروضة، انتهى من هامش "اللامع" (٤).

قلت: وفي هذه المسألة أبحاث كثيرة بسطت في "الأوجز" (٥).


(١) "عمدة القاري" (٧/ ٥٦٣).
(٢) "إرشاد الساري" (٤/ ٤٦٤).
(٣) "أوجز المسالك" (٩/ ٥٤٤).
(٤) "هامش اللامع" (٥/ ٣١٧).
(٥) "أوجز المسالك" (٩/ ٥٣٧ - ٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>