للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تاب تأخر قبول توبته مما بقي في جسده من تلك الأكلة ثلاثين يومًا، فلما صفا جسده منها تيب عليه، ففرض على ذريته صيام ثلاثين يومًا.

قال الحافظ: وهذا يحتاج إلى ثبوت السند فيه إلى من يقبل قوله في ذلك، وهيهات وجدان ذلك.

قوله: (وقول الله تعالى. . .) إلخ، أشار بذلك إلى مبدأ فرضية الصيام، وكأنه لم يثبت عنده على شرطه في شيء فأورد ما يشير إلى المراد، فإنه ذكر فيه ثلاثة أحاديث: حديث طلحة الدال على أنه لا فرض إلا رمضان، وحديث ابن عمر وعائشة المتضمن للأمر بصيام عاشوراء، وكأن المصنف أشار إلى أن الأمر في روايتهما محمول على الندب بدليل حصر الفرض في رمضان، وهو ظاهر الآية؛ لأنه تعالى قال: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: ١٨٣]، ثم بيَّنه [فقال:] {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: ١٨٥].

وقد اختلف السلف هل فرض على الناس صيام قبل رمضان أو لا؟ فالجمهور - وهو المشهور عند الشافعية - أنه لم يجب قط صوم قبل صوم رمضان، وفي وجه وهو قول الحنفية: أول ما فرض صيام عاشوراء، فلما نزل رمضان نسخ، إلى آخر ما فيه، انتهى من "الفتح".

قلت: وقد بسط الكلام على درجات فرضية الصوم وتفاصيل شرعيته من ابتداء الأمر إلى ما استقر عليه في "كتاب التفسير" من "لامع الدراري" (١).

قوله: {كَمَا كُتِبَ} الآية، وفي "الأوجز" (٢): اختلفوا هل كان صوم رمضان شرع من قبلنا؟ فقال جماعة: إن الله تعالى فرض صيام رمضان على اليهود والنصارى، أما اليهود فإنها تركت هذا الشهر وصامت يومًا من السنة، زعموا أنه يوم غرق فيه فرعون، وكذبوا في ذلك أيضًا؛ لأن ذلك اليوم يوم عاشوراء على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أما النصارى فإنهم صاموا رمضان فصادفوا فيه الحر الشديد فحولوه إلى وقت لا يتغير، ثم قالوا عند التحويل:


(١) "لامع الدراري" (٩/ ١٤ - ١٥).
(٢) "أوجز المسالك" (٥/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>