للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يلزم أن يثبت مجموع الترجمة بكل ما في الباب بل لو دل البعض بحيث يعلم كل الترجمة من كل ما في الباب لكفاه، وهو الأصل الحادي والثلاثون، أي: الاستدلال بالمجموع على المجموع، وله نظائر في الكتاب كما بسط في الجزء الأول في بيان الأصول.

وأما الكلام على الترجمة من حيث الفقه فإنهم متفقون على سُنِّية الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان.

قال الحافظ: قال أبو داود عن أحمد: لا أعلم عن أحد من العلماء خلافًا أنه مسنون.

قال الحافظ: وأما قول ابن نافع عن مالك: فكرت في الاعتكاف وترك الصحابة له مع شدة اتباعهم للأثر فوقع في نفسي أنه كالوصال، وأراهم تركوه لشدته، ولم يبلغني عن أحد من السلف أنه اعتكف إلا عن أبي بكر بن عبد الرحمن، انتهى. فكأنه أراد صفة مخصوصة. وإلا فقد حكيناه عن غير واحد من الصحابة، ومن كلام مالك أخذ بعض أصحابه أن الاعتكاف جائز، وأنكر ذلك عليهم ابن العربي، وقال: إنه سُنَّة مؤكدة، وكذا قال ابن بطال: في مواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على تأكده، انتهى.

وأما الجزء الثاني من الترجمة فقد قال الحافظ: اتفق العلماء على مشروطية المسجد للاعتكاف، إلا محمد بن لبابة المالكي فأجازه في كل مكان، وأجاز الحنفية للمرأة أن تعتكف في مسجد بيتها، وهو المكان المعد للصلاة فيه، وفيه قول للشافعي قديم، وفي وجه لأصحابه وللمالكية يجوز للرجال والنساء؛ لأن التطوع في البيوت أفضل، وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى اختصاصه بالمساجد التي تقام فيها الصلوات، وخصه أبو يوسف بالواجب منه، وأما النفل ففي كل مسجد، وقال الجمهور بعمومه في كل مسجد إلا لمن تلزمه الجمعة فاستحب له الشافعي في الجامع، وشرطه مالك؛ لأن الاعتكاف عندهما ينقطع بالجمعة ويجب بالشروع عند مالك، وخصه طائفة من السلف كالزهري بالجامع مطلقًا، وخصه حذيفة بن اليمان

<<  <  ج: ص:  >  >>