للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعميم الحكم، ولا يبعد أن يقال - والله أعلم بحقيقة الحال -: إن غرض البخاري - رحمه الله - منها ليس إثبات جواز الهبة بخصوصها بل المقصود بيان بعض التصرفات الجائزة قبل القبض كالعتق مثلًا والهبة على رأيه والبيع مطلقًا على رأي طاوس كما ذكره - رحمه الله -، فكان من جزئياته بيع المبيع من البائع ولو قبل قبض البائع الثمن والمشتري المبيع، وإن كان مشروطًا بكونه على الثمن الأول على ما ذكروه في باب الإقالة، وعلى هذا فلا يضرنا أثر ابن عمر - رضي الله عنهما - على التأويل الذي ذكرنا من حمل الخيار على الاستحباب، والله أعلم، انتهى.

وبسط في هامشه الكلام على شرح كلام الشيخ قُدِّس سرُّه.

قلت: قصة عمر في الإبل الصعب لما كان مخالفًا لمن قال بخيار المجلس أولها المصنف بهذه الترجمة وأشار إلى الجواب بأن سكوت البائع يكفي، وأشكل بأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له حق في التصرف لما فيه خيار لغيره، وأجاب عنه الحافظ بأنه واقعة لا نعلم حقيقتها، وأوَّله الشافعية بوجوه أخر ذكره في "الفتح" (١).

والعجب من الإمام البخاري أورد على الأحناف في "كتاب الإكراه" في "باب إذا أكره حتى وهب عبدًا أو باعه لم يجز، وبه قال بعض الناس. . ." إلخ، وحاصله أنه ألزم الحنفية أنهم لا يجوزون بيع المكره وهبته ومع ذلك قالوا: لو نذر المشتري في ذلك الشيء المشترى أو دبره لو كان عبدًا أنه جائز، فأثبت التعارض والتناقض بين قولهم من عدم جواز البيع مع جواز تصرف المشتري فأنا أقول: إنه يرد مثل ذلك ههنا على الإمام البخاري ومن وافقه ممن قالوا بخيار المجلس من أنهم لما أثبتوا خيار المجلس للبائع فكيف جاز عندهم تصرف المشتري في ذلك، فتأمل.


(١) "فتح الباري" (٤/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>