للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو نعيم بدون "لا"، ويحتمل أن تكون "أن" مفسرة و"لا يحفل" بيان للنهي، وقيد النهي بالبائع إشارة إلى أن المالك لو حفل فجمع اللبن للولد أو لعياله أو لضيفه لم يحرم وهذا هو الراجح كما سيأتي، وذكر البقر في الترجمة وإن لم يذكر في الحديث إشارة إلى أنها في معنى الإبل والغنم في الحكم خلافًا لداود، والتحفيل بالمهملة والفاء: التجميع، قال أبو عبيد: سميت بذلك لأن اللبن يكثر في ضرعها، وكل شيء كثّرته فقد حفّلته، تقول: ضرعٌ حافلٌ، أي: عظيم، واحتفل القوم، إذا كثر جمعهم، ومنه سمي المحفل.

قوله: (وكل محفلة) بالنصب عطفًا على المفعول من عطف العام على الخاص، إشارة إلى إلحاق غير النعم من مأكول اللحم بالنعم للجامع بينهما وهو تغرير المشتري، وقال الحنابلة وبعض الشافعية: يختص ذلك بالنعم، واختلفوا في غير المأكول كالأتان والجارية فالأصح: لا يرد اللبن عوضًا، وبه قال الحنابلة في الأتان دون الجارية، انتهى.

وبسط الكلام على المسألة في "الأوجز" (١)، والجملة: أن التصرية عيب عند الجمهور، ومنهم الأئمة الثلاثة، لحديث المصراة، وقال أبو حنيفة وأصحابه: ليست التصرية عيبًا للاتفاق على أن الإنسان إذا اشترى شاة، فخرج لبنها قليلًا أن ذلك ليس بعيب، وقالوا: إن حديث المصراة مخالف للأصول المعروفة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الخراج بالضمان"، وهو أصل متفق عليه، ومنها: أن الأصل في المتلفات إما القيمة وإما المثل، وإعطاء صاع ليس بقيمة ولا مثل، إلى آخر ما بسط في "الأوجز".

وحكى شيخنا في "البذل" (٢) عن العيني: إن الحديث يخالف الأصول لثمانية أوجه، ثم بسطها مع الزيادة على كلام العيني.

وفي "الفيض" (٣): وأجاب عنه الطحاوي بالمعارضة بحديث: "الخراج


(١) "أوجز المسالك" (١٣/ ٢٣٧ - ٢٥٢).
(٢) "بذل المجهود" (١١/ ١٥٢ - ١٥٣).
(٣) "فيض الباري" (٣/ ٤٥٠ - ٤٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>