للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الأوجز" (١) منها حكمه: فقد كرهه الأئمة الثلاثة، وقال مجاهد وأبو حنيفة وأصحابه: لا بأس بذلك.

وفي "الدر المختار" (٢): كره بيع الحاضر للبادي في حالة قحط وعوز، وإلا لا؛ لانعدام الضرر.

وقال الحافظ (٣): وبقول مجاهد في ذلك أخذ أبو حنيفة وتمسكوا بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الدين النصيحة" وزعموا أنه ناسخ لحديث النهي، وحمل الجمهور حديث "الدين النصيحة" على عمومه إلا في بيع الحاضر للبادي فهو خاص فيقضى على العام، والنسخ لا يثبت بالاحتمال، وجمع البخاري بينهما بتخصيص النهي بمن يبيع له بالأجرة كالسمسار، وأما من ينصحه فيعلمه بأن السعر كذا مثلًا فلا يدخل في النهي عنده، والله أعلم، انتهى.

ثم لا يذهب عليك أن الإمام البخاري ترجم على حديث الباب بلفظ "هل" قال العيني (٤): جواب الاستفهام يعلم من المذكور في الباب، واكتفى به على جاري عادته في ذلك في بعض التراجم، انتهى.

وأنت خبير بأن ذلك ليس بوجيه، فإنه ليس بموجب لتقييد الترجمة بالشك.

والأوجه عندي: أن المعروف من دأب المصنف أنه قد يترجم بلفظ "هل" إشارة إلى الاحتمال كما تقدم مبسوطًا في الأصل الثاني والثلاثين من أصول التراجم، وههنا أشار بذلك إلى احتمال جواز بيع الحاضر للبادي بأجر بناءً على ما سيأتي من جواز السمسرة عنده في "باب أجر السمسرة"، فإن السمسرة لما كانت جائزة عنده، وبيع الحاضر للبادي جائز بدون الأجر، فأي مانع من جوازه بالأجر، ويحتمل أيضًا أن يكون غرضه بلفظ


(١) "أوجز المسالك" (١٣/ ٢٢٨ - ٢٣٧).
(٢) "الدر المختار" (٧/ ٣١٢).
(٣) "فتح الباري" (٤/ ٣٧١).
(٤) "عمدة القاري" (٨/ ٤٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>