للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبني على اشتراك البيع والسلم في وجوب التسليم غير أن التسليم في السلم متأخر دون البيع، فكأن المعنى أن الثمرة لما لم يبد صلاحها كان معدومًا غير مقدور التسليم، ولا بد في السلم من وجود المسلم فيه بأيدي الناس ليتحقق إمكان التسليم، ولو لم يكن في يد المسلم إليه، وهذا بناءً على العادة أن هذه الثمار والحبوب وغيرهما مما يتعلق بفصل دون فصل تنقطع عن الأيدي إذا قرب زمان الحصاد والجذاذ إلا يسيرًا، وهذا إذا كان المسلم فيه في عقد السلم مطلقًا، فأما إذا شرط أن يكون المسلم فيه مما خرج هذا العام، فعدم القدرة على تسليمه قبل بدو الصلاح ظاهر، وبهذا تتحقق المطابقة بين جواب ابن عباس وسؤال من سأله عن السلم، فإن السائل إنما سأله عن السلم، وقد أجاب عن البيع المطلق، ومثل هذا التقرير جاء في الرواية المتقدمة على هذا الباب أيضًا، فافهم فإنه دقيق، انتهى.

وفي هامشه: قوله: أراد بالنخلة ثمرتها، وبذلك جزمت الشرَّاح، واستدل بحديث ابن عمر على جواز السلم في النخل المعين من البستان المعين، لكن بعد بدو صلاحه، وهو قول المالكية، انتهى.

قلت: الظاهر عندي من صنيع المصنف أنه أجاز السلم في النخل المعين بعد بدو الصلاح، كما تقدم أيضًا، وما حكى الحافظان ابن حجر والعيني من مذهب المالكية يأباه كتب فروعهم، فقد صرَّح الدردير بعدم جواز السلم في النخل المعين، وحكى الموفق الإجماع على ذلك، كما في "الأوجز" (١).

وفي "الفيض" (٢): قوله: "نهي عن بيع النخل حتى يصلح" فإن قلت: إن السؤال كان عن السلم، فكيف الجواب بمطلق البيع؟ قلت: وفي فقهنا مسألة أخرى، يظهر منها التناسب بين السؤال والجواب، وهي أن المسلم فيه وإن لم يجب كونها في ملك المسلم إليه، لكن يشترط أن يوجد في


(١) "أوجز المسالك" (١٢/ ٦١٥).
(٢) "فيض الباري" (٣/ ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>