للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأشار بذلك إلى قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع ابنة شعيب في سقيه المواشي و (من لم يستعمل) أي: من الأئمة، (من أراده) أي: لا يفوض الأمر إلى الحريص على العمل لأنه لحرصه لا يؤمن، وهذان الجزءان من جملة الترجمة، وقد ساق لكل منهما حديثًا، انتهى.

قال الحافظ (١): قال الإسماعيلي: ليس في الحديثين جميعًا معنى الإجارة، وقال الداودي: ليس حديث: "الخازن الأمين" من هذا الباب لأنه لا ذكر للإجارة فيه، وقال ابن التين: وإنما أراد البخاري أن الخازن لا شيء له في المال وإنما هو أجير، وقال ابن بطال (٢): إنما أدخله في هذا الباب لأن من استؤجر على شيء فهو أمين فيه، وليس عليه في شيء منه ضمان إن فسد أو تلف إلا إن كان ذلك بتضييعه.

وقال الكرماني (٣): دخول هذا الحديث في باب الإجارة للإشارة إلى أن خازن مال الغير كالأجير لصاحب المال، وأما دخول الحديث الثاني في الإجارة فظاهر من جهة أن الذي يطلب العمل إنما يطلبه غالبًا لتحصيل الأجرة التي شرعت للعامل، والعمل المطلوب يشمل العمل على الصدقة في جمعها وتفرقتها في وجهها وله سهم منها كما قال الله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: ٦٠] فدخوله في الترجمة من جهة طلب الرجلين أن يستعملهما النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصدقة أو غيرها ويكون لهما على ذلك أجرة معلومة، انتهى.

قلت: ولا يبعد عند هذا العبد الضعيف أن إدخال الحديث الثاني في الباب من حيث إن طلبه العمل علامة لكونه غير صالح، فقد ورد حديث الباب عند أبي داود (٤) من زيادة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أخونكم عندنا من طلبه"، ثم لا يذهب عليك ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه ولله دره إذ قال: ثم إن الأدب في


(١) "فتح الباري" (٤/ ٤٤٠).
(٢) (٦/ ٣٨٥).
(٣) "شرح الكرماني" (١٠/ ٩٦).
(٤) "سنن أبي داود" (ح: ٢٩٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>