للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ (١): الاغتسال إذا أسلم لا تعلق له بأحكام المساجد إلا على بُعْدٍ، وهو أن يقال: الكافر جُنُب غالبًا، وهو ممنوعٌ من المسجد إلا لضرورة، فلما أسلم لم تبق ضرورة للُبثه في المسجد جنبًا، فاغتسل لتسوغ له الإقامة في المسجد، إلى آخر ما بسط من التوجيهات البعيدة، حتى قال: يحتمل أن يكون بيَّض للترجمة فَسَدَّ بعضهم البياض بما ظهر له، وحكى عن بعضهم ههنا التراجم، ولو أمعنوا النظر في عادات المصنف تخلصوا عن الإشكال.

فالأوجه عندي أن يقال: إن الحديث من الباب السابق، ولذا نبَّه عليه بربط الأسير أيضًا، وذكر مسألة الاغتسال استطراد اهتمامًا بشأنها لشدة اختلاف الأئمة الأربعة في تلك المسألة حتى لم يتفق اثنان منهم على قول واحد، بل لكل واحد من الأربعة مسلك مستقل في تلك المسألة.

ولما كانت المسألة مستنبطة بحديث الباب، نَبَّهَ عليها بالترجمة كالتنبيه، ثم رأيت أن هذا الأصل أخذه مولانا السيد أنور شاه نوَّر الله مرقده أيضًا، فللَّه الحمد والمنة، فقد قال في "فيض الباري" (٢) في "باب فضل صلاة الفجر والحديث": هذا من عادات المصنف رحمه الله تعالى: أن الحديث إذا اشتمل على فائدة ويريد أن ينبِّه عليها، فإنه يذكرها في الترجمة وإن لم يناسب سلسلة التراجم، أعني به: أن التراجم إذًا تكون عنده مسلسلة، ثم تبدو له فائدة في الأحاديث المستخرجة ويراها مهمة، فلا ينتظر أن يبوِّب لها [بابًا] مستقلًّا، ولكن يفرِّغ عنها في ذيول هذه التراجم، وأسمِّيه: إنجازًا.

فقوله: "والحديث"، أي: الحديث بعد العشاء وإن لم يناسب ذكره ههنا؛ لأنه عقد الترجمة لفضل صلاة الفجر، ولا مناسبة بينه وبين الحديث بعد العشاء، إلا أنه لما كان مذكورًا في الحديث المترجم له ذكره إنجازًا، وقد اضطرب في توجيهه الشارحون، ولم يأتوا بشيء، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١/ ٥٥٥).
(٢) "فيض الباري" (٢/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>