للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ: قال ذلك بناء على أن الهبة لا تصح إلا بالقبض، وإلا فليست هبة، وهذا مقتضى مذهبه، لكن من يقول: إنها تصح بدون القبض يسميها هبة، وكأن البخاري جنح إلى ذلك، انتهى.

قلت: ومسألة الباب خلافية بسطت في "الأوجز" (١)، وفيه عن "المغني" (٢): المكيل والموزون لا تلزم فيه الصدقة والهبة إلا بالقبض، وهو قول أكثر الفقهاء، منهم أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك: يلزم ذلك بمجرد العقد؛ لأنه تبرع، فلا يصبر فيه القبض كالوصية والوقف، ولنا إجماع الصحابة، وأما غير المكيل والموزون، فتلزم الهبة فيه بمجرد العقد، وهو قول مالك، وعن أحمد رواية أخرى: لا تلزم الهبة في الجميع إلا بالقبض، وهو قول أكثر أهل العلم، منهم الثوري والشافعي وأصحاب الرأي، لما ذكرنا في المسألة الأولى، انتهى.

وفي "الدر المختار" (٣): "وشرائط صحتها في الواهب: العقل والبلوغ والملك" فلا تصح هبة صغير ورقيق ولو مكاتبًا "و" شرائط صحتها في الموهوب أن يكون مقبوضًا غير مشاع مميزًا غير مشغول"، انتهى.

قوله: (وكانت فصلت الهدية. . .) إلخ، كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٤): أي: أفرزت من مال المهدي وليس المراد القبض كما فهم المحشي؛ لأنه يلغو عليه قوله: "وهو حي"؛ لأن القبض لا يمكن إلا وهو حي، وعندنا هي للمهدي ولورثته؛ لأن إفرازه عن ماله لا يخرجها عن ملكه، نعم قول الحسن يوافق رأي الحنفية إن كان المراد بالرسول في كلامه رسول المهدى له، وهو الظاهر من مقابلة كلامه بكلام عبيدة مع أن الرسول إذا كان رسول المهدي كان في حكم نفسه فلا يناسب بناء الاختلاف عليه فتدبر، انتهى.


(١) "أوجز المسالك" (١٤/ ١٩٢ - ١٩٤).
(٢) "المغني" (٨/ ٢٤٠).
(٣) "الدر المختار" (٥/ ٢٥٥).
(٤) "لامع الدراري" (٧/ ١٩ - ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>