للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القسطلاني بعد ذكر الحديث: غرض المؤلف أن لفظ الإخدام للتمليك، وكذلك الكسوة، لكن قال ابن بطال: استدلاله بقوله: "فأخدمها هاجر" على الهبة لا يصح، وإنما صحت الهبة في هذه القصة من قوله: "فأعطوها هاجر".

قال في "فتح الباري": مراد البخاري أنه إن وجدت قرينة تدل على العرت حمل عليها، فإن كان جرى بين قوم عرف في تنزيل الإخدام منزلة الهبة فأطلقه شخص وقصد التمليك نفذ، ومن قال: هي عارية في كل حال فقد خالف، والله أعلم، انتهى.

قلت: ما أفاده الحافظ غاية توجيه لكلام البخاري وإلا فالظاهر أن ميل البخاري في ذلك خلاف الجمهور، وإلا فهل ترى إن جرى بين قوم عرف في تنزيل الكسوة منزلة العارية فهل يكفي حينئذ عارية اللباس في الكفارة؟

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١): قوله: (قال بعض الناس. . .) إلخ، وأنت تعلم أنه أقر بنفسه في الترجمة أن المدار على العرف فلا يرد إيراده على الإمام لأنه - رضي الله عنه - إنما حكم على حسب عرفه والكسوة مستعملة في الهبة فكانت كذلك، انتهى.

وفي هامشه: كلام الشيخ رحمه الله تعالى مبني على ما هو المعروف بين الناس أن قول البخاري في "صحيحه": "قال بعض الناس" يكون ردًا على الحنفية، ولذا قال الكرماني: قيل: أراد به الحنفية، وقد عرفت فيما سبق مني في "كتاب الزكاة" في "باب الركاز" وهو أول المواضع التي قال فيها البخاري: قال بعض الناس: أن ما هو المعروف ليس بمطرد، فهذا الموضع الذي نحن بصدده لم يتفرد فيه الحنفية بل هي مسألة إجماعية.

قال الحافظ (٢): قال ابن بطال (٣): لا أعلم خلافًا أن من قال:


(١) "لامع الدراري" (٧/ ٤٤).
(٢) "فتح الباري" (٥/ ٢٤٦).
(٣) (٧/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>