للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحافظ (١): قال ابن بطال (٢): ما كان من الحمل على الخيل تمليكًا للمحمول عليه بقوله: هو لك، فهو كالصدقة، فإذا قبضها لم يجز الرجوع فيها، وما كان منه تحبيسًا في سبيل الله فهو كالوقف لا يجوز الرجوع فيه عند الجمهور، وعن أبي حنيفة أن الحبس باطل في كل شيء.

قال الحافظ: والذي يظهر أن الإمام البخاري أشار إلى الرد على من قال بجواز الرجوع في الهبة، ولوكانت للأجنبي، وإلا فقد قدمنا تقرير أن الحمل المذكور في قصة عمر كان تمليكًا، وأن قول من قال: كان تحبيسًا احتمال بعيد، انتهى.

والذي أشار إليه الحافظ بقوله: "قدمنا تقريره" هو ما ذكره في "باب لا يحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته"، وتقدم اختلاف الأئمة في رجوع الوالد في "باب الهبة للولد" وتقدم الخلاف في العود في هبة الأجنبي في "باب هبة الرجل لامرأته"، انتهى من هامش "اللامع" (٣).

وكتب الشيخ في "اللامع" (٤): قوله: "له أن يرجع فيها" ولا ريب في صدق مقالته تلك؛ لأنه إن كان عارية فهو أحق به من المعرى له، فلا يحظر من الرجوع، وإن سلم كونه هبة، فله أن يرجع فيها لجواز الرجوع في سائر الهبات، فكذا هذا، إذ لا فرق، والله تعالى أعلم، انتهى.

ثم البراعة فعند الحافظ - رحمه الله - في قوله: "ولا تعد في صدقتك".

وعندي في قوله: "كالعمرى" فإنه هدية إلى آخر العمر، ويمكن أيضًا في قوله: "في سبيل الله" فإن أصله الجهاد، وهو مذكِّر للموت، فافهم.

* * *


(١) "فتح الباري" (٥/ ٢٤٧).
(٢) (٧/ ١٥٦ - ١٥٧).
(٣) "اللامع" (٧/ ٤٦ - ٤٧).
(٤) "لامع الدراري" (٧/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>