للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ (١): وهذا الاستثناء عمدة من أجاز شهادته إذا تاب، وبهذا قال الجمهور: إن شهادة القاذف بعد التوبة تقبل، ويزول عنه اسم الفسق سواء كان بعد إقامة الحد أو قبله، وتأولوا قوله تعالى: {أَبَدًا} على أن المراد ما دام مصرًا على قذفه؛ لأن أبد كل شيء على ما يليق به، وبالغ الشعبي فقال: إن تاب القاذف قبل إقامة الحد سقط عنه، وذهب الحنفية إلى أن الاستثناء يتعلق بالفسق خاصة، وقال بذلك بعض التابعين، وفيه مذهب آخر يقبل بعد الحد لا قبله، انتهى.

وفي "الفيض" (٢): وقد بحث في الأصول أن الاستثناء إذا وقع بعد عدة أمور، هل يرجع إلى الأقرب، أو إلى الجميع؟ فليراجع، انتهى.

وبسط الشيخ قُدِّس سرُّه الكلام عليه في "اللامع" (٣) أشد البسط.

وفي هامشه: هذه مسألة خلافية شهيرة بسطت في "الأوجز" (٤) وهي قبول شهادة المحدود في القذف إذا تاب، قال الموفق (٥): تقبل شهادته عندنا ومالك والشافعي وإسحاق وجماعة ذكر أسماءهم في "الأوجز". . .، إلى آخر ما فيه.

وقال الحافظ (٦): جمع البخاري في الترجمة بين السارق والقاذف للإِشارة إلى أنه لا فرق في قبول التوبة منهما، وإلا فقد نقل الطحاوي الإجماع على قبول شهادة السارق إذا تاب، نعم ذهب الأوزاعي إلى أن المحدود في الخمر لا تقبل شهادته وإن تاب، ووافقه الحسن بن صالح، وخالفهما في ذلك جميع فقهاء الأمصار، انتهى.

قوله: (وقال بعض الناس) هذا منقول عن الحنفية، واحتجوا في رد


(١) "فتح الباري" (٥/ ٢٥٥ - ٢٥٦).
(٢) "فيض الباري" (٤/ ٧٩).
(٣) انظر: "لامع الدراري" (٧/ ٦٠ - ٧٤).
(٤) "أوجز المسالك" (١٣/ ٥٧٤ - ٥٧٧).
(٥) "المغني" (٤/ ١٨٨).
(٦) "فتح الباري" (٥/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>