للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اعلم أن الترجمة كما لا يخفى تشتمل على مسألتين: الأولى: الوصية والوقف للأقارب، والثانية: مصداق الأقارب، والمسألة الأولى لها صورتان إما أن يكون الوصية لأقارب نفسه، أو لأقارب غيره.

قال القسطلاني (١): قد اختلف في ذلك، فقال الشافعية: لو أوصى لأقارب نفسه لم تدخل ورثته بقرينة الشرع، وقيل: يدخلون لوقوع الاسم عليهم، ثم يبطل نصيبهم لعدم إجازتهم لأنفسهم ويصح الباقي لغيرهم ويدخل في الوصية لأقارب زيد الوارث وغيره، والقريب والبعيد، والمسلم والكافر، والذكر والأنثى، والفقير والغني لشمول الاسم لهم، ويستوي قرابة الأب والأم، ولو كان الموصي عربيًا لشمول الاسم، وقيل: لا تدخل قرابة الأم إن كان الموصي عربيًا لأن العرب لا تعدها قرابةً ولا تفتخر بها، هذا ما صححه في "المنهاج" كأصله، لكن قال الرافعي في شرحيه: الأقوى الدخول، وصححه في أصل "الروضة"، وقال أحمد كالشافعية إلا أنه أخرج الكافر، وقال أبو حنيفة: القرابة كل ذي رحم محرم من قبل الأب أو الأم ولكن يبدأ بقرابة الأب قبل الأم، وقال أبو يوسف ومحمد: من جمعهم أب منذ الهجرة من قبل أب أو أم، زاد زفر: ويقدم من قرب، فهو رواية عن أبي حنيفة وأقل من يدفع له ثلاثة، وعند محمد اثنان، وعند أبي يوسف واحد، ولا يصرف للأغنياء عندهم إلا أن يشترط ذلك، وقال مالك: يختص بالعصبة سواء كان يرثه أم لا، ويبدأ بفقرائهم حتى يغنوا ثم يعطى الأغنياء، انتهى.

زاد العيني (٢) في مذهب أبي حنيفة: كل ذي رحم محرم من قبل أبيه أو أمه ولا يدخل فيه الوالدان والولد؛ لأنه تعالى عزّ اسمه عطف الأقربين على الوالدين، والعطف يدل على المغايرة، وقال قوم من أهل الحديث وجماعة من الظاهرية: الوصية لكل من جمعه وفلانًا أبوه الرابع إلى ما هو


(١) "إرشاد الساري" (٦/ ٢٦٣، ٢٦٤).
(٢) "عمدة القاري" (١٠/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>