للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه أخذه من حديثي الباب أنه - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى الروم يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يتوجه إلى مقاتلتهم.

وقوله: (والدعوة قبل القتال) كأنه يشير إلى حديث ابن عون في إغارة النبي - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق على غرة، وهو متخرج عنده في "كتاب الفتن"، انتهى.

وقال العيني (١) بعد الحديث الأول: للترجمة أربعة أجزاء، الجزء الأول: هو قوله: "دعوة اليهودي والنصراني"، ووجه المطابقة فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا هرقل إلى الإسلام، وهو على دين النصارى، واليهودي ملحق به، والجزء الثاني: هو قوله: "على ما يقاتلون عليه" ووجه المطابقة فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - أشار في كتابه أن مراده أن يكونوا مثلنا، وإلا يقاتلون عليه، كما في حديث علي الآتي بعد هذا الباب، فقال: "نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا"، والجزء الثالث: هو قوله: "وما كتب إلى كسرى وقيصر" وهذا ظاهر، والجزء الرابع: هو قوله: "قبل القتال" فإنه - صلى الله عليه وسلم - دعاهم إلى الإيمان بالله وتصديق رسوله ولم يكن بينه وبينهم قبل ذلك قتال، فافهم، فإنه فتح لي من الفيض الإلهي، ولم يسبقني إلى ذلك أحد.

وقال أيضًا قبل ذلك: وهذا أوجه وأقرب إلى القبول من قول بعضهم في بيان المطابقة في بعض المواضع بين الحديث والترجمة أنه أشار بهذا إلى حديث خرَّجه فلان ولم يذكره في كتابه، انتهى.

قال الحافظ (٢): قوله: "والدعوة قبل القتال" هي مسألة خلافية: فذهب طائفة منهم عمر بن عبد العزيز إلى اشتراط الدعاء إلى الإسلام قبل القتال، وذهب الأكثر إلى أن ذلك كان في بدء الأمر، قبل انتشار دعوة الإسلام، فإن وجد من لم تبلغه الدعوة لم يقاتل حتى يدعى، نص عليه


(١) "عمدة القاري" (١٠/ ٢٥٧ - ٢٥٨).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>