للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القسطلاني (١): واستشكل دخول اليهود في ذلك؛ لأن شرعهم نسخ بعيسى عليه الصلاة والسلام، والمنسوخ لا أجر في العمل به فيختص الأجران بالنصراني. وأجيب: بأنا لا نسلم أن النصرانية ناسخة لليهودية، نعم لو ثبت ذلك لكان كذلك. كذا قرره الكرماني وتبعه البرماوي وغيره. لكن قال في "الفتح": لا خلاف أن عيسى عليه الصلاة والسلام أرسل إلى بني إسرائيل فمن أجاب منهم نسب إليه، ومن كذب منهم واستمر على يهوديته لم يكن مؤمنًا فلا يتناوله الخبر؛ لأن شرطه أن يكون مؤمنًا بنبيِّه. . . إلى آخر ما بسط من الكلام عليه.

وقوله: (فله أجران) أجر الإيمان بنبيه، وأجر الإيمان بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، انتهى.

وبسط شيخنا الكَنكَوهي قدّس سره في شرح قوله: "ثلاثة يعطون أجرهم مرتين"؛ أي: في وجه تضعيف الأجر لهم، فارجع إلى "الكوكب الدري" (٢) لو شئت، وفي هامشه: وأفاد والدي المرحوم عند تدريس "مشكاة المصابيح" أن مناط تكرار الأجر هو التزاحم، فكل فعل يوجد فيه التزاحم يثنّى عليه الأجر؛ فرجل أدى حق الله وحق مولاه يتحقق التزاحم في كل من فِعليه فيثنّى الأجر على كل من فِعليه، فله أربعة أجور: اثنان على تأديته حقوق المولى، واثنان على تأديته حقوقه تعالى؛ ورجل تعلم الكتاب الأول والثاني [فلا تزاحم فيه إلا عند الثاني] إذ صار جاهلًا بعدما كان عالمًا، وصار مبتديًا بعدما كان منتهيًا، فيكرر أجره على هذا؛ ورجل أدب أمَته لا تزاحم فيه، لكن إعتاقها بعدما تأدبت وكذا التزوج بعده، فهذان الفعلان على كل واحد منهما الأجران، انتهى.


(١) "إرشاد الساري" (٦/ ٥٣٩).
(٢) (٢/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>