للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صاحب "الفيض" (١): واعلم أن أربعة أخماس من الغنيمة للغانمين بالاتفاق، بقي الخمس، فقد تكفل القرآن ببيان مستحقيه، وذكرها في ستة، فخرجها الحنفية على أن ذكر اسم الله تعالى لمجرد التبرك، بقي رسوله، فسقط سهمه بعد وفاته، وأما ذو قرابته فإنما يعطون من أجل الفقر، وكونهم من أقربائه - صلى الله عليه وسلم - ليس بمعتبر في باب الإعطاء، فيقدمون فقراء ذوي القرابة على غيرهم، وإِذن لم يبق من الستة إلا ثلاثة، وذهب مالك إلى أنهم ليسوا بمستحقين، ولكنهم مصارف، فيصرفه الإمام من ولايته كيف شاء، وكم شاء.

أما الفيء فلم يذهب أحد إلى إيجاب الخمس فيه إلا الشافعي، ولا خمس فيه عند الجمهور، فإنه مال حصل بدون إيجاف خيل ولا ركاب، فيستبد بصرفه الإمام، ولا يخرج منه الخمس، ومذهب الشافعي مرجوح في ذلك، ولعل المصنف رجح مذهب مالك، واختار أن قسمة الخمس إلى الإمام يقسمه كيف شاء، وترجم لذلك أربعة تراجم:

الأولى: هذه الترجمة، وأخرج تحتها حديث شكاية فاطمة، وما كانت تجد من الطحن والرحى، واستدل منه على أن ذوي القرابة لو كانوا مستحقين لأعطاها النبي - صلى الله عليه وسلم - غلامًا من الخمس البتة.

والثانية: باب قول الله: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: ٤١] إلخ، ثم فسَّره بقوله يعني: للرسول قسم ذلك، فجعل القسمة إليه يقسمه كيف يشاء.

والثالثة: ما سيأتي بعد سبعة أبواب "باب من قال: ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين. . ." إلخ، حيث جعله في النوائب، ولم يخصه بصنف دون صنف، واستدل عليه بأنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى الأنصار وجابرًا من تمر خيبر، مع أنهما لم يكونا من ذوي القرابة.


(١) "فيض الباري" (٤/ ٢٦٢، ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>