للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الطرفين، ولم يعد هناك مفر من التسليم بالأمر الواقع، والخضوع لفكرة التقسيم، التي أصبحت عقيدة المسلمين وحياتهم (١).

واختلف العلماء والناس في قضية التقسيم، فبعضهم كان لا يرى تقسيم الهند مفيدًا وضروريًّا؛ بل سيكون أضرارًا وأخطارًا كبيرة على الدعوة الإسلامية، وسيُفقد المسلمين نفوذهم السياسي وتأثيرهم الديني في الهند.

ورأى البعض الآخر أن التقسيم لا بد منه؛ لأن السلطة ستكون للمسلمين فقط لا يشاركهم فيها غيرهم، ويعيش المسلمون فيه حياة العز والكرامة.

فمن العلماء الذين أيدوا فكرة التقسيم وبذلوا جهودًا كثيرة في تأسيس دولة إسلامية: شيخ الإسلام مولانا ظفر أحمد التهانوي، ومولانا شبير أحمد العثماني، والمفتي محمد حسن الأمر تسري وغيرهم (٢).

فبدأ الناس يهاجرون من الهند إلى باكستان، ووقعت حينئذٍ الاضطرابات الطائفية الدموية التي تقشعر الجلود من سماع أحوالها في دلهي، وبنجاب الشرقية والمدن الأخرى.

واجتمع الشيخ المجاهد حسين أحمد المدني، والشيخ الرباني عبد القادر الرائي فوري، والشيخ محمد زكريا الكاندهلوي، وقرروا عدم الهجرة إلى باكستان وعزموا على البقاء في الهند والموت فيها، وكانوا يحثون الناس على الثبات والبقاء في الهند مهما كلّفهم ذلك من ثمن، وكانوا يحرِّضونهم على تحمل الشدائد والمكاره، والإيمان بالله، فقرر كثير من الذين آثروا الهجرة أن يتخلوا عن نيتها (٣)، وأبدى هؤلاء العلماء ثباتًا لا نظير له، مع الهمة العالية والثقة الكاملة بوعد الله - سبحانه وتعالى -.


(١) انظر: "باكستان في ماضيها وحاضرها" (ص ٥١).
(٢) انظر: "آب بيتي" (في الأردية) (٥/ ٢٦).
(٣) انظر: "آب بيتي" (في الأردية) (٥/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>