للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "الفيض" (١): ولعله ذكر المؤلفة قلوبهم تأييدًا لما اختاره من أن الخمس إلى الإمام؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أعطاهم - مع أنهم لا ذكر لهم في القرآن - دل على أن المذكورين فيه مصارف لا غير، ولذا وسع له أن يصرفه إلى غيرهم أيضًا، فثبت أن لا مزية لمن سمي في القرآن على غيرهم، ونقول: إن هؤلاء كانوا مصارف إلى زمن، ثم نسخ، أو انتهى الحكم بانتهاء العلة، فلا حجة فيه، انتهى.

قال العلَّامة العيني (٢) في حديث أسماء المذكور في الباب: "قالت: كنت أنقل النوى من أرض الزبير" الحديث: وجه المطابقة بينه وبين قوله في الترجمة: "وغيرهم" أي: وغير المؤلفة، وفي قوله: "وغيره"، أي: وغير الخمس يؤخذ من هذا، وفيه دقة.

ثم قال في حديث ابن عمر: "أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز" الحديث، قيل: لا مطابقة بين الحديث والترجمة؛ لأنه ليس للعطاء فيه ذكر، وأجيب: بأن فيه جهات قد علم من مكان آخر أنها كانت جهات عطاء، فبهذا الطريق يدخل تحت الترجمة، انتهى.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٣): لعل إيراد هذه الرواية، أي: رواية ابن عمر آخر أحاديث الباب ههنا لأجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر أصحابه أن يتركوا لهم بعد الخرص ربعًا أو ثلثًا كما تشهد به الروايات، وليس ذلك إلا إعطاء، فكان هذا الحديث مما يناسب الباب باعتبار إعطاء الغير المؤلفة إن أريد به المؤمنون، وإن كان أعم ممن آمن ولم يكمل إيمانه بعد، وممن لم يكن مؤمنًا بعد، فهو من قبيل إعطاء المؤلفة وكان ذلك إعطاء من الخمس ونحوه معًا؛ لأن ما كان يجيء إلى المسلمين كان يخمس منه أولًا ثم يقسم بين الغانمين على حسب حصصهم، فما انتقص من نصيبهم وجبايتهم بترك الربع والخمس والثلث ونحوه انتقص بحسبه من الخمس


(١) "فيض الباري" (٤/ ٢٧٨).
(٢) "عمدة القاري" (١٠/ ٤٩٥ - ٤٩٦).
(٣) "لامع الدراري" (٧/ ٣١٣ - ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>