للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستيقظ، بخلاف العالم إذا قال في المجلس: صلوا على النبي، فإنه يثاب على ذلك، وكذا الغازي إذا قال: كبروا؛ لأن الحارس والفقاعي يأخذان بذلك أجرًا، انتهى.

ثم المصنف - رحمه الله - ذكر في الباب أربعة أحاديث، ومناسبة الثلاثة الأول منها بالترجمة غير خفية، وأما الحديث الرابع فقد قال الحافظ (١): في تعلق الحديث بالترجمة غموض، ثم ذكر عدة توجيهات للمطابقة، وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): مطابقة الحديث بالترجمة من حيث إنه - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يومئذ: "فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا"، فكان التعرض بشيء منها غدرًا وهتكًا لحرمة الله تبارك وتعالى، انتهى.

قلت: وبما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه في وجه المطابقة جزم ابن بطال كما حكى عنه الحافظ في "الفتح"، وقال أيضًا (٣): ويحتمل أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع من سبب الفتح الذي ذكر في الحديث، وهو غدر قريش بخزاعة حلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان عاقبة نقض قريش العهد أن غزاهم المسلمون حتى فتحوا مكة، واضطروا إلى طلب الأمان، وصاروا بعد العز والقوة في غاية الوهن، ولعله أشار بقوله في الترجمة: "بالبر" إلى المسلمين، و"بالفاجر" إلى خزاعة؛ لأن أكثرهم إذ ذاك لم يكن أسلم بعد، انتهى مختصرًا.

وقال العلَّامة العيني (٤): وجه مطابقته للترجمة يمكن أخذه من قوله: "فانفروا" إذ معناه لا تغدروهم ولا تخالفوهم، إذ إيجاب الوفاء بالخروج مستلزم لتحريم الغدر، ووجه آخر هو أن النبي لم يغدر في استحلال القتال بمكة؛ لأنه كان بإحلال الله تعالى له ساعة، ولولا ذلك لما جاز له، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٦/ ٢٨٤).
(٢) "لامع الدراري" (٧/ ٣٢٩، ٣٣٠).
(٣) "فتح الباري" (٦/ ٢٨٥).
(٤) "عمدة القاري" (١٠/ ٥٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>