للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب مولانا محمد حسن المكي في تقريره تحت الباب: بأنها مخلوقة لله تعالى ليست بقديمة، والغرض من هذه الأبواب عد مخلوقات الله تعالى من الصغير والكبير والشريف والرذيل مما نقل فيه الأحاديث الصحيحة عنده.

ولا يبعد عندي أيضًا: أن في تبويب الإمام البخاري رحمه الله تعالى بالأرضين وتخصيصها بالذكر مع تقديم ذكر السماوات على الأرض في الآية الكريمة إشارة لطيفة إلى مسألة أخرى خلافية أيضًا، وهي اختلافهم في التفضيل بين السماء والأرض، ففي "الفتاوى الحديثية" لابن حجر المكي (١): وسئل - نفع الله به -: أيما أفضل السماء أو الأرض؟ فأجاب بقوله: الأصح عند أئمتنا ونقلوه عن الأكثرين: السماء؛ لأنه لم يعص الله فيها، ومعصية إبليس لم تكن فيها، أو وقعت نادرًا فلم يلتفت إليها. وقيل: الأرض، ونقل عن الأكثرين أيضًا؛ لأنها مستقر الأنبياء ومدفنهم.

وفي "الشرح الكبير" للمالكية (٢): الأكثر على أن السماء أفضل من الأرض، والله أعلم بحقيقة الحال، انتهى.

وقال القاري في "شرح المناسك" (٣) في بحث التفضيل بين مكة والمدينة: والخلاف فيما عدا موضع القبر المقدس، فما ضم أعضاؤه الشريفة فهو أفضل بقاع الأرض بالإجماع، حتى من الكعبة ومن العرش على ما صرح به بعضهم، وقد صرح التاج الفاكهي بتفضيل الأرض على السماوات لحلوله - صلى الله عليه وسلم - بها، وحكاه بعضهم عن الأكثرين لخلق الأنبياء منها ودفنهم فيها، وقال النووي: الجمهور على تفضيل السماء، انتهى مختصرًا.

قلت: ومال شيخ مشايخنا مولانا محمد قاسم النانوتوي قُدِّس سرُّه في قصيدته المدحية في شأنه - صلى الله عليه وسلم - المطبوع باسم "قصيدة بهائية" إلى فضيلة الأرض على السماء.


(١) "الفتاوى الحديثية" (ص ٢٤٨).
(٢) "الشرح الكبير" (٢/ ١٧٣).
(٣) (ص ٥٣١ - ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>