للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حمله بعضهم على التصدق بالماء، والله تعالى أعلم، وللشرَّاح معان وتأويلات مشهورة، انتهى.

وبسط الكلام على معناه أيضًا في "الأوجز" (١).

قوله: (لو أتيت فلانًا فكلمته. . .) إلخ، كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): وحاصل كلامه: أنكم تظنون أني أكلمه في ذلك جهرة، لا والله لا أفعل ذلك، فأفتح به بابًا من الفتنة، وهذا إذا كان المراد بالكلام هو الكلام فيما يستقبل، ويمكن أن يكون المراد أنكم تزعمون أني لم أكلمه فيما مضى؛ لأنكم لم تروني كلمته، مع أن الأمر ليس كذلك، بل إني أكلمه في ذلك الباب سرًّا، ولا يمنعني كون أحد أميرًا على أن أقول: إنه خير فلا أنصحه ولا آمره بالمعروف.

قوله: (ولا أقول لرجل إن كان علي أميرًا) يعني بذلك: أن عثمان - رضي الله عنه - لا شك أنه من المبشرين بالجنة إلا أنه ليس معصومًا حتى آمن عليه الخطأ، فلعل أن تأخذه العصبية والحمية إذ أمرته بشيء مما يخالف طبعه أو يثقل عليه، وقد سمعت منه - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على أن كثيرًا من الأمراء يأمر ولا يأتمر وينهى ولا ينتهي، وعثمان - رضي الله عنه - وإن لم يكن من جملتهم لكنه يخاف عليه أن تأخذه العصبية؛ لأنه بشر وليس معصومًا، فافهم فإنه دقيق، انتهى.

وبسط في هامشه الكلام في شح هذا الحديث من كلام الشرَّاح، ثم لا يخفى عليك أن ظاهر كلام الشرَّاح قاطبة وكذا كلام الشيخ قُدِّس سرُّه والمشايخ أن المراد بالرجل في قوله: "ولا أقول لرجل. . ." إلخ، هو عثمان - رضي الله عنه -، ثم بعد ذلك أوّلوا وعيد الحديث في شأن عثمان، والأوجه عند هذا العبد الضعيف: أن مصداق الأمير هو الوليد، والمعنى أن كون الوليد أميرًا لا يمنعني أن أكلم فيه بعد أن سمعت هذا الوعيد الشديد،


(١) "أوجز المسالك" (١٦/ ٥٤٣ - ٥٤٩).
(٢) "لامع الدراري" (٧/ ٣٦٦ - ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>