للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم ينبأ من النساء إلا فلانة وفلانة، ولو قال: لم تثبت صفة الصديقية أو الولاية أو الشهادة إلا لفلانة وفلانة لم يصح لوجود ذلك في غيرهن، إلا أن يكون المراد في الحديث كمال غير الأنبياء، فلا يتم الدليل على ذلك لأجل ذلك، وعلى هذا فالمراد من تقدم زمانه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يتعرض لأحد من نساء زمانه إلا لعائشة، وليس فيه تصريح بأفضلية عائشة - رضي الله عنها - على غيرها؛ لأن فضل الثريد على غيره من الطعام إنما هو لما فيه من تيسير المؤنة وسهولة الإساغة، وكان أجلّ أطعمتهم يومئذ، وكل هذه الخصال لا تستلزم ثبوت الأفضلية له من كل جهة، فقد يكون مفضولًا بالنسبة لغيره من جهات أخرى، وقد ورد في هذا الحديث من الزيادة بعد قوله: "ومريم ابنة عمران": "وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد" - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه الطبراني، ثم ذكر الحافظ الكلام على التفضيل بينهن.

ثم قال: قال القرطبي: الصحيح أن مريم نبية؛ لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك، وأما آسية فلم يرد ما يدل على نبوتها.

وقال الكرماني: لا يلزم من لفظ الكمال ثبوت نبوتها؛ لأنه يطلق لتمام الشيء وتناهيه في بابه، فالمراد بلوغها النهاية في جميع الفضائل التي للنساء، قال: وقد نُقل الإجماع على عدم نبوة النساء.

قال الحافظ: كذا قال، وقد نُقل عن الأشعري: أن من النساء من نُبِّئَ، وهن ست: حواء وسارة وأم موسى وهاجر وآسية ومريم، والضابط عنده أن من جاءه الملك عن الله بحكم من أمر أو نهي أو بإعلام مما سيأتي فهو نبي، وقد ثبت مجيء الملك لهؤلاء بأمور شتى من ذلك، إلى أن قال الحافظ: ومن فضائل آسية [امرأة فرعون] أنها اختارت القتل على الملك، والعذاب في الدنيا على النعيم الذي كانت فيه، وكانت فراستها في موسى - عليه السلام - صادقة حين قالت: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي}، انتهى كله من "الفتح" (١).


(١) "فتح الباري" (٦/ ٤٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>