للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القصير العمر، ويقال: سمي به؛ لأنه داوى جراحات القلوب، وقال مقاتل: ذكره الله في القرآن في اثني عشر موضعًا. ثم ذكر نسبه مثل ما تقدم من "الفتح"، وزاد بعده: ومنهم من زاد بعد سلمون يحشون بن عمينا بن داب بن رام، وقيل: إرم.

قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (١): لما قتل داود جالوت فأحبته بنو إسرائيل، ومالوا إليه وإلى ملكه عليهم، فكان من أمر طالوت ما كان، وصار الملك إلى داود - عليه السلام -، وجمع الله له بين الملك والنبوَّة بين خيري الدنيا والآخرة، وكان الملك يكون في سبط والنبوَّة في آخر، فاجتمع في داود هذا وهذا، كما قال تعالى: {وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} الآية [البقرة: ٢٥١].

وأما وفاته - عليه السلام - فقال الإمام أحمد في "مسنده" (٢) بسنده عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان داود - عليه السلام - فيه غيرة شديدة، فكان إذا خرج أغلق الأبواب، فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع، قال: فخرج ذات يوم وغلقت الدار، فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار فإذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لمن في البيت: من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة؟ والله لتفتضحن بداود، فجاء داود فإذا الرجل قائم في وسط الدار، فقال له داود: من أنت؟ فقال: أنا الذي لا أهاب الملوك ولا أمنع من الحجاب. فقال داود: أنت والله إذن ملك الموت مرحبًا بأمر الله. ثم مكث حتى قبضت روحه، فلما غسل وكفن وفرغ من شأنه طلعت عليه الشمس. فقال سليمان للطير: أظلي على داود، فأظلَّته الطير حتى أظلمت عليه الأرض، فقال سليمان للطير: اقبضي جناحًا"، قال أبو هريرة: فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرينا كيف فعلت الطير، وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده. انفرد بإخراجه الإمام أحمد، وإسناده جيد قوي رجاله ثقات.


(١) "البداية والنهاية" (٢/ ٣٠٠).
(٢) "مسند أحمد" (٢/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>