للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أفصح الناس لسانًا وأشدهم اقتدارًا على الكلام - بأن يأتوا بسورة مثله، فعجزوا مع شدة عداوتهم له وصدِّهم عنه، إلى آخر ما بسط في بيان إعجاز القرآن إلى أن قال: وأما ما عدا القرآن - من نبع الماء من بين أصابعه وتكثير الطعام وانشقاق القمر ونطق الجماد -، فمنه ما وقع التحدي به، ومنه ما وقع دالًا على صدقه من غير سبق تحد، ومجموع ذلك يفيد القطع بأنه ظهر على يده - صلى الله عليه وسلم - من خوارق العادات شيء كثير، كما يقطع بوجود جود حاتم وشجاعة علي - صلى الله عليه وسلم -، وإن كانت أفراد ذلك ظنية وردت مورد الآحاد مع أن كثيرًا من المعجزات النبوية قد اشتهر وانتشر، ورواه العدد الكثير والجم الغفير، وأفاد الكثير منه القطع عند أهل العلم بالآثار.

وذكر النووي في "مقدمة شرح مسلم": أن معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - تزيد على ألف ومائتين، وقال البيهقي في "المدخل": بلغت ألفًا، وقال الزاهدي من الحنفية: ظهر على يديه ألف معجزة، وقيل: ثلاثة آلاف، وقد اعتنى بجمعها جماعة من الأئمة؛ كأبي نعيم والبيهقي وغيرهما، انتهى من "الفتح" مختصرًا.

قلت: وكذا بسطها السيوطي في "الخصائص" (١)، والقسطلاني في "المواهب" (٢). وكتب الشيخ في "اللامع" (٣): قوله: "باب علامات النبوَّة" يعني بها: معجزاته - صلى الله عليه وسلم -، ويندرج فيه كرامات صحابته؛ لأن كرامة الولي تكون معجزة لنبيِّه، ويندرج فيه إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما سيقع، وعن علامات الساعة وعما يجري في عالم الغيب، انتهى.

وفي هامشه: قال الحافظ (٤): قوله: "في الإسلام" أي: من حين المبعث وهلم جرّا دون ما وقع قبل ذلك، وقد جمع ما وقع من ذلك قبل المبعث بل قبل المولد الحاكم في "الإكليل"، وأبو سعيد النيسابوري في


(١) "الخصائص الكبرى" (٢/ ١٨٦ - ١٨٧).
(٢) المواهب اللدنية (٢/ ٤٩٥ - ٥٧٧).
(٣) "لامع الدراري" (٨/ ١١٦، ١١٧).
(٤) "فتح الباري" (٦/ ٥٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>