فلما ولد استقبلت به البيت فقالت: اللَّهم هذا عتيقك من الموت، أو لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بشَّره بأن الله أعتقه من النار، وقد ورد في هذا الأخير حديث عن عائشة عند الترمذي، وآخر عن عبد الله بن الزبير عند البزار، وصححه ابن حبان وزاد فيه:"وكان اسمه قبل ذلك عبد الله بن عثمان"، وعثمان اسم أبي قحافة لم يختلف في ذلك، كما لم يختلف في كنيته الصديق، ولُقِّب الصديق لسبقه إلى تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقيل: كان ابتداء تسميته بذلك صبيحة الإسراء، وروى الطبراني من حديث علي "أنه كان يحلف أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق" رجاله ثقات.
وأما نسبه فهو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد ابن تيم ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرة بن كعب، وعدد آبائهما إلى مرة سواء، وأم أبي بكر سلمى، وتكنى أم الخير بنت صخر بن مالك بن عامر بن عمرو المذكور، أسلمت وهاجرت، وذلك معدود من مناقبه؛ لأنه انتظم إسلام أبويه وجميع أولاده.
قوله:(وقول الله - عز وجل -: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} الآية) ساقها الأصيلي وكريمة إلى قوله: {هُمُ الصَّادِقُونَ}، وأشار المصنف بهذه الآية إلى ثبوت فضل المهاجرين لما اشتملت عليه من أوصافهم الجميلة وشهادة الله تعالى لهم بالصدق.
قوله:(وقال الله تعالى: {إلا تَنْصُرُوهُ} الآية) أشار المصنف بها إلى ثبوت فضل الأنصار؛ فإنهم امتثلوا الأمر في نصره، وفي الآية أيضًا فضل أبي بكر الصديق؛ لأنه انفرد بهذه المنقبة حيث صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تلك السفرة ووقاه بنفسه، انتهى كله من "الفتح"(١).