للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخلافه إياه قبل أن يقول مقالته، ولا يمكن الجواب أنه استأنف بهم الصلاة، ولم يبن عليها إذ يلزم عليه فساد صلاة المأمومين حيث لم يستأنفوا صلاتهم، وبقوا على التحريمة الأولى، انتهى.

قلت: لله در الشيخ قُدِّس سرُّه ما أدق نظره فقهًا وحفظًا للفروع، ولم يتعرض لهذه المسألة في هذا الحديث أحد من الشرَّاح، والمسألة خلافية عندنا الحنفية أيضًا، كما بسطت في هامش "اللامع"، فارجع إليه.

قوله: (ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر. . .) إلخ، كتب الشيخ في "اللامع" (١): إنما جعل الخلافة شورى بينهم مع علمه بترتيب الخلافة، وأن الخليفة بعده عثمان - رضي الله عنه - لا غير اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في عدم تصريحه بالخليفة بعده، دافعًا للتهمة عن نفسه، وتوقيًا عن مؤاخذة الرب تبارك وتعالى، واعتراض الخليقة لو أتى الخليفة بعده بأمور هي منكرة شرعًا، انتهى.

قوله: (ارفع يدك يا عثمان فبايعه) كتب الشيخ (٢): وكان من الأسباب المرجحة لعثمان أن عبد الرحمن حين سأل عثمان - رضي الله عنه -: بم يعمل بعد الكتاب والسُّنَّة؟ قال: بسيرة الشيخين، وإذا سأل عليًّا: بم يعمل بعد الكتاب والسُّنَّة؟ أجاب: إني أجتهد برأيي، وإنما كان ابن عوف تكلم بكل منهما ما تكلم في خلوة عن صاحبه لئلا يعلم كل منهما ماذا قال لصاحبه وما أجابه هو، وأيضًا فإن عثمان - رضي الله عنه - كان أشدهما كراهية للخلافة إذ ذاك، وكان علي كرم الله وجهه يرغب فيها رغبة ما، فإذا وصلت النوبة إلى علي كان علي أشد الناس كراهية لها، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تجدون من أشد الناس كراهية لهذا الشأن حتى يقع فيه"، انتهى.

وبسط في هامشه الكلام في تأييد كلام الشيخ قُدِّس سرُّه.


(١) "لامع الدراري" (٨/ ١٧٤، ١٧٥).
(٢) "لامع الدراري" (٨/ ١٧٦ - ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>