للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: ١٥٤]، وقوله: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: ٣٣]، ومنه أكثر أحاديث الباب، وأما جزم النووي في عدة مواضع من "شرح مسلم" أن هذا هو المراد حيث أتى ففيه نظر؛ فإن هذا اللفظ وهو الجاهلية يطلق على ما مضى، والمراد ما قبل إسلامه، وضابط آخره غالبًا فتح مكة، ومنه قول مسلم في "مقدمة صحيحه": إن أبا عثمان وأبا رافع أدركا الجاهلية، وقول ابن عباس: سمعت أبي يقول في الجاهلية: اسقنا كأسًا دهاقًا، وابن عباس إنما ولد بعد البعثة، وأما قول عمر: نذرت في الجاهلية فمحتمل، وقد نبَّه على ذلك شيخنا العراقي في الكلام على المخضرمين من علوم الحديث، انتهى.

قال القسطلاني (١): أيام الجاهلية أيام الفترة، وسميت بها لكثرة جهالاتهم، وسقط لأبي ذر لفظ: "باب"، انتهى.

وقوله: (إن هذا الحديث له شأن) أي: قصة طويلة، وذكر موسى بن عقبة أن السيل كان يأتي من فوق الردم الذي بأعلى مكة، فيجريه، فتخوفوا أن يدخل الماء الكعبة، فأرادوا تشييد بنيانها، وكان أول من طلعها وهدم منها شيئًا الوليد بن المغيرة، وذكر القصة في بنيان الكعبة قبل المبعث النبوي، وأخرج الشافعي في "الأم" بسند له عن عبد الله بن الزبير: أن كعبًا قال له وهو يعمل بناء مكة: اشدده وأوثقه، فإنا نجد في الكتب أن السيول ستعظم في آخر الزمان، انتهى.

فكان الشأن المشار إليه أنهم استشعروا من ذلك السيل الذي لم يعهدوا مثله أنه مبدأ السيول المشار إليها، انتهى من "الفتح" (٢).

قوله: (كنت في أهلك ما أنت) اختلفوا في معنى هذا الكلام على أقوال ذكرت في هامش "اللامع"، وأفاد الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٣) فأجاد


(١) "إرشاد الساري" (٨/ ٣٤٥).
(٢) "فتح الباري" (٧/ ١٥٠).
(٣) "لامع الدراري" (٨/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>