للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلتئذ"، وأبو هريرة إنما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة السابعة المدينة، وقصة استماع الجن للقرآن كان بمكة قبل الهجرة، وحديث ابن عباس صريح في ذلك، فيجمع بين ما نفاه وما أثبته غيره بتعدد وفود الجن على النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلى آخر ما بسط الحافظ (١).

قلت: وفي "مجمع البحار" (٢) "تاريخ الخميس" (٣): أن قدومهم كان سنة عشر، وعلى هذا فذكر الجن ههنا ليس على محله، والجواب أن مجيئهم وإن كان على المشهور سنة عشر كما تقدم، لكن التحقيق أن وفادة الجن وقعت بمرات، فمنها بمكة ثلاث مرات، كما ذكر في هامش "الكوكب الدري" (٤) أيضًا، ورميهم بالشهب كان بعد عشرين يومًا من المبعث كما في "تاريخ الخميس"، وقد وقع الاضطراب فيهم قبيل المبعث أو بعده قريبًا كما سيأتي في "باب إسلام عمر" من حديث عمر، وفيه: "ألم تر الجن وإبلاسها ويأسها من بعد إنكاسها" الحديث.

ثم رأيت الحافظ: قال (٥) بعد ذكر قول ابن إسحاق: أن استماع الجن كان بعد رجوع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الطائف لما خرج إليها يدعو ثقيفًا إلى نصره، وكان ذلك في سنة عشر من المبعث، وقول من قال: إن وفود الجن كان بعد رجوعه - صلى الله عليه وسلم - من الطائف ليس صريحًا في أولية قدوم بعضهم، والذي يظهر من سياق الحديث الذي فيه المبالغة في رمي الشهب لحراسة السماء من استراق الجن السمع دالٌّ على أن ذلك كان قبل المبعث النبوي وإنزال الوحي إلى الأرض، فكشفوا ذلك إلى أن وقفوا على السبب، ولذلك لم يقيِّد الترجمة بقدوم ولا وفادة، ثم لما انتشرت الدعوة وأسلم من أسلم قدموا فسمعوا فأسلموا، وكان ذلك بين الهجرتين، ثم تعدد مجيئهم حتى في المدينة، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٧/ ١٧١).
(٢) "مجمع بحار الأنوار" (٥/ ٢٧٢).
(٣) "تاريخ الخميس" (١/ ٣٠٣).
(٤) "الكوكب الدري" (١/ ١٢١).
(٥) "فتح الباري" (٧/ ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>