للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلقوه في جوف الكعبة، وتمادوا على العمل بما فيه من ذلك ثلاث سنين، فاشتد البلاء على بني هاشم في شعبهم، وعلى كل من معهم، فلما كان رأس ثلاث سنين تلاوم قوم من قصي ممن ولدتهم بنو هاشم ومن سواهم، فأجمعوا أمرهم على نقض ما تعاهدوا عليه من الغدر والبراءة، وبعث الله على صحيفتهم الأرضة فأكلت ولحست ما فيها من ميثاق وعهد، وبقي ما كان فيها من ذكر الله - عز وجل -، وأطلع الله تعالى نبيه على ذلك، فأخبر عمه أبا طالب بذلك. فقال: أربُّك أخبرك بذلك؟ قال: نعم؛ فقال أبو طالب: لا والثواقب ما كذبتني. ثم خرج أبو طالب فقال: يا معشر قريش إن ابن أخي أخبرني أن الله - عز وجل - قد سلط على صحيفتكم الأرضة، فإن كان كما يقول: فوالله لا نسلمه حتى نموت من عند آخرنا، وإن كان الذي يقول باطلًا دفعنا إليكم صاحبنا قتلتم أو استحييتم؛ فقالوا: قد رضينا بالذي تقول؛ ففتحوا الصحيفة فوجدوها كما أخبر، فقالوا: هذا سحر ابن أخيك. وزادهم ذلك بغيًا وعدوانًا. انتهى.

قال الحافظ (١): كان ذلك التقاسم أول يوم من المحرم سنة سبع من البعثة، وكان النجاشي قد جهز جعفرًا ومن معه، فقدموا والنبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، وذلك في صفر منها، فلعله مات بعد أن جهزهم، وفي "الدلائل" للبيهقي: أنه مات قبل الفتح، وهو أشبه. ثم بسط الحافظ في تفصيل القصة والاختلاف في زمان ابتداء حصرهم، وكذا في مدته وغير ذلك، ثم قال: ولما لم يثبت عند البخاري شيء من هذه القصة اكتفى بإيراد حديث أبي هريرة؛ لأن فيه دلالة على أصل القصة لأن الذي أورده أهل المغازي من ذلك كالشرح لقوله في الحديث: "تقاسموا على الكفر". انتهى.

قلت: وذكر صاحب "مجمع البحار" (٢) هذه القصة من وقائع السنة الثامنة.


(١) "فتح الباري" (٧/ ١٩٢، ١٩٣).
(٢) "مجمع بحار الأنوار" (٥/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>