للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا ترجم بعد ذلك "باب وضوء الصبيان. . ." إلخ، وأوردوا عليه أيضًا أن محله كان "كتاب الطهارة" لا "أبواب صفة الصلاة".

والأوجه عندي: أن الإمام البخاري لم يذكر الباب الأول في أبواب المساجد إشارةً إلى أن المنع منه لا يختص بالمساجد، وترجم بالثاني ههنا إفرادًا لمسائل الصبيان لكونهم غير مكلفين، فذكر أحكامهم المتفرقة من الطهارة والصلاة وحضورهم العيد والجنائز في باب واحد، فهو بمنزلة باب مسائل شتى أفرد أحكامهم المتعلقة بالصلاة في باب واحد، وجعله تتمةً للصلاة؛ لأن الأبواب الآتية تتعلق بصلوات خاصة من الجمعة والعيدين وغيرهما، وسيأتي شيء من ذلك في هامش "اللامع"، وأجاد في ترتيب هذه الأبواب من ذكر أحكام الرجال، ثم الصبيان، ثم النساء على ترتيب صفوفهم في الصلاة.

وعلى هذا الأصل حمل شيخ المشايخ في "تراجمه" (١) "باب القنوت قبل الركوع وبعده" إذ قال: هذا الباب في الأصل من متعلقات أبواب صلاة الفجر؛ لأن الأحاديث الواردة إنما تدل على القنوت فيها، وإيراده ههنا باعتبار أن بعض العلماء قال بالقنوت في الوتر، انتهى، كذا أفاد قُدِّس سرُّه، وقد عرفت فيما سبق أن هذا الباب عندي داخل في الأصل الخامس والستين.

نعم! يقرب من هذا الأصل "باب الأمر باتباع الجنائز"، فإنه ذكره في مبدأ "كتاب الجنائز"، والميت لم يغسل بعد ولم يُكَفَّن، فكيف الأمر باتباعه، وسيأتي في محله "باب فضل اتباع الجنائز".

فالأوجه عندي: أن المراد بالاتباع في مبدأ الكتاب ليس المشي خلف الجنازة، لئلا يرد ما تقدم من ذكره في غير محله، بل المراد فيه الاهتمام بتجهيزه، والمبادرة في غسله وتكفينه، كما يقال: الجيش يتبع السلطان،


(١) (ص ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>