للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القسطلاني (١) في شرح قوله: "أنه تداوله بضعة عشر من ربّ إلى رب"؛ أي: أخذه سيد من سيد، وكان حرًّا فظلموه وباعوه، وذلك أنه هرب من أبيه لطلب الحق، وكان مجوسيًا فلحق براهب ثم براهب ثم بآخر، وكان يصحبهم إلى وفاتهم حتى دلّه الأخير على ظهور النبي - صلى الله عليه وسلم - فقصده مع بعض الأعراب فغدروا به فباعوه في وادي القرى ليهودي، ثم اشتراه منه يهودي آخر من بني قريظة، فقدم به المدينة، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ورأى علامات النبوة أسلم، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كاتب عن نفسك"، فكاتب على أن يغرس ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية من ذهب، فغرس له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده المباركة الكل، وقال: "أعينوا أخاكم"، فأعانوه حتى أدى ذلك كله. ثم ذكر مدة عمره كما تقدم في كلام العيني.

وكتب شيخنا مولانا خليل المحدث السهارنفوري في "بذل المجهود (٢) شرح سنن أبي داود" في ترجمة سلمان الفارسي: قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" (٣): قرأت بخط أبي عبد الله الذهبي: رجعت عن القول بأنه قارب ثلاثمائة أو زاد عليها، وتبين لي أنه ما جاوز الثمانين، ولم يذكر مستنده في ذلك. انتهى.

قوله: (فترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما ستمائة سنة) كتب الشيخ قدس سره في "اللامع" (٤): فيه إتمام الكسر عددًا فإن الأكثر من خمس مائة بعد ست مائة في العرف، وكثيرًا ما يسقط الكسر أيضًا وكلاهما جار، والله تعالى أعلم، وعلمه أتم وأحكم. تم المجلد الأول من تقريرات على البخاري. انتهى.

وفي هامشه: قال الحافظ (٥): المراد بالفترة المدة التي لا يبعث فيها رسول من الله، ولا يمتنع أن ينبأ فيها من يدعو إلى شريعة الرسول الأخير.


(١) "إرشاد الساري" (٨/ ٤٧٤).
(٢) "بذل المجهود" (١/ ١٨٤).
(٣) "تهذيب التهذيب" (٤/ ١٣٩).
(٤) "لامع الدراري" (٨/ ٢٤٠، ٢٤١).
(٥) "فتح الباري" (٧/ ٢٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>