للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ (١): ومكانها - أي: العشيرة - عند منزل الحج بينبع، ليس بينهما وبين البلد إلا الطريق، وخرج في خمسين ومائة، وقيل: مائتين، واستخلف فيها أبا سلمة بن عبد الأسد، انتهى.

قوله: (وقال ابن إسحاق: أول ما غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأبواء. . .) إلخ، كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): اختلف في الأولى منها، ورأي البخاري أنها العشيرة كما أيّده بقول قتادة، غير أن مقالة ابن إسحاق كانت بمنزلة عنده، فأورده أيضًا، ومن دأبه أن لا يبالي بما لم يعتد به من المقالات عند الاختلاف، انتهى.

وفي هامشه: ما أفاده الشيخ قُدِّس سرُّه هو الظاهر من تبويب البخاري فإنه بدأ كتاب المغازي بـ "باب غزوة العشيرة"، لكن المعروف عند أهل السير هو ما قاله ابن إسحاق، كما سيأتي.

والأوجه عند هذا العبد الضعيف المبتلى بالسيئات المعترف بالتقصيرات أن غرض الإمام البخاري من ذكر هذه الغزوة في مبدإ الكتاب ليس هو كونها أول المغازي، بل المقصود ذكره هذه الغزوة خاصة لا الإشارة إلى كونها أول المغازي، ولما كان يتوهم من قول زيد بن أرقم كونها أول المغازي دفعها بقول ابن إسحاق، فرأي الإمام البخاري في هذا هو ما قال ابن إسحاق، كما هو المعروف عند أهل السير، ففي "المجمع" (٣): خرج - صلى الله عليه وسلم - غازيًا في ثاني عشر صفر غزوة الأبواء، ثم قال: وغزا غزوة بواط في ربيع الأول، ثم غزا في جمادى الأولى غزوة العشيرة، انتهى مختصرًا.

وهكذا ذكر هذه الثلاثة بهذا الترتيب في "سيرة ابن هشام" (٤)، وقال


(١) "فتح الباري" (٧/ ٢٧٩).
(٢) "لامع الدراري" (٨/ ٢٤٤ - ٢٤٦).
(٣) "مجمع بحار الأنوار" (٥/ ٢٧٧، ٢٧٨).
(٤) "سيرة ابن هشام" (٢/ ٢٠٣، ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>