للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية من الهجرة يريد قريشًا، واستعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون، وقال الواقدي: استخلف عليها سعد بن معاذ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مائتي راكب، وكان لواؤه مع سعد بن أبي وقاص، وكان قصده أن يتعرض لعير قريش، وكان فيه أمية بن خلف ومائة رجل وخمسمائة بعير، قال ابن إسحاق: حتى بلغ بواط ثم رجع إلى المدينة ولم يلق فيها كيدًا، انتهى.

قوله: (كم غزا النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: تسع عشرة) قال الحافظ (١): كذا قال، ومراده الغزوات التي خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بنفسه، سواء قاتل أو لم يقاتل، لكن روى أبو يعلى من طريق أبي الزبير عن جابر: أن عدد الغزوات إحدى وعشرون، وإسناده صحيح، وأصله في مسلم، فعلى هذا ففات زيد بن أرقم ذكر ثنتين منها، ولعلهما الأبواء وبواط، وكأن ذلك خفي عليه لصغره، ويؤيد ما قلته ما وقع عند مسلم بلفظ: "قلت: ما أول غزوة غزاها؟ قال: ذات العشير أو العشيرة"، انتهى.

والعشيرة كما تقدم هي الثالثة، إلى آخر ما بسط الحافظ.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): وقد اختلف في عدد الغزوات، ومنشأ الاختلاف اعتبارات الرواة، فكم من راو جعل السفرة الواحدة من المدينة غزوةً واحدةً وإن تضمنت غزوات، فعدّ على رأيه هذا غزوة الفتح وطائفًا وحنينًا وأوطاس واحدةً، ولا ضير فيه، وآخر نظر إلى وقوع محاربة ولو قليلًا، إلى غير ذلك من الاعتبارات، مع أن مفهوم العدد لا معتبر به عند الثقات، انتهى.

وبسط في هامشه الكلام على عدد الغزوات، وفيه: وحصل من مجموع ذلك أنهم اختلفوا في ذلك على سبعة أقوال: من تسعة عشر إلى سبع وعشرين، ما عدا العشرين وثلاث وعشرين، ثم قال الزرقاني: وقاتل في


(١) "فتح الباري" (٧/ ٢٨٠).
(٢) "لامع الدراري" (٨/ ٢٤٦ - ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>