للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الباجي: ومما يدل على صحة هذا القول أن رواية المستملي والسرخسي والكشميهني وأبي زيد المروزي مختلفة بالتقديم والتأخير، مع أنهم انتسخوا من أصل واحد، وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم فيما كان في طرة أو رقعة مضافة أنه من موضع ما فأضافه إليه، ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين أو أكثر من ذلك متصلةً ليس بينها أحاديث.

قال الباجي: وإنما أوردت هذا ههنا لما عني به أهل بلدنا من طلب معنى يجمع بين الترجمة والحديث، وتكلفهم من ذلك من تعسف التأويل ما لا يسوغ، قال الحافظ: وهذه قاعدة حسنة يفزع إليها حيث يتعسر وجه الجمع بين الترجمة والحديث، انتهى مختصرًا.

تقدم كلامه هذا في أول الفائدة الثانية من هذا الفصل، وذكرت في هامشه ما أورد القسطلاني عليه إذ قال (١): وهذا الذي قاله الباجي فيه نظر من حيث إن الكتاب قرئ على مؤلفه، ولا ريب أنه لم يُقرأ عليه إلا مرتبًا مبوبًا، فالعبرة بالرواية لا بالمسوَّدة التي ذكر صفتها، انتهى.

قلت: ويؤيد ذلك أيضًا ما قال القسطلاني في ترجيح نسخة (٢) اعتمد عليها في "شرحه" (٣): ولقد عوّل الناس عليه في روايات الجامع لمزيد اعتنائه وضبطه ومقابلته على الأصول المذكورة وكثرة ممارسته له، حتى إن الحافظ شمس الدين الذهبي حكى عنه أنه قابله في سنة واحدة إحدى عشرة مرة، إلى آخر ما بسط من الاهتمام في المقابلة والتصحيح.

ويؤيد الباجي ما قال شيخ المشايخ في "تراجمه" (٤) في "باب إذا لم يتم السجود": نقل عن الفربري أن بعض أوراق الكتاب كان غير


(١) "إرشاد الساري" (١/ ٤٣).
(٢) هي نسخة الحافظ شرف الدين اليونيني، المتوفى سنة ٧٠١ هـ.
(٣) "مقدمة إرشاد الساري" (ص ٦٨).
(٤) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>